والكليات الطبيعية لا وجود لها استقلالا الا بما يقومها وجودا ويحصلها شخصا فهي أيضا جسمانية الكون وكل جسماني الكون فهو متجدد الوجود لا بقاء له ولا ثبات فيه فالطبيعة لا شعور لها بذاتها ولا بغيرها فلا شوق لها إلى عالم العقل فلا يدوم وأيضا لا يمكن بقاؤها الا بالنفس كما مر.
وقد علمت أن النفس لا تدوم فيها ومعها بل يرتقى عنها وتخليها لأنها محنة وعذاب لها وانما أهبطت النفس إليها وبليت بها لعصيان ونقصان اعتراها في النشأة الأولى وخطيئة صدرت عنها في مبدء الوجود وأول الولادة فاستوجب الوقوع في موضع البلية والمحنة حتى يزول عنها النقايص والعيوب ودرن الذنوب ووسخ الجرائم فتخرج عند ذلك عن السجن الطبيعي.
ثم إن مكان البلية لا يبقى عند خروج المذنب من ذنبه كما أن السجن إذا خرج عنه المسجون لم يبق له بيت مغلق بابه ولا أيضا حاجه إلى السجن بعد خروج المسجون.
واليه الإشارة بقول الصادق ع لا يقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول الله الله فلذلك وجب في الحكمة الإلهية والسنة الواجبية زوال الطبيعة وتلاشيها ودثورها واضمحلالها.
فثبت بالبرهان الصريح ان ذهاب الطبيعة ودثور الأجسام امر ممكن واجب في الحكمة وان الطبيعة سواء كانت سماوية أو أرضية إذا استحالت وذهبت تخلت النفس ولخراب البيت ارتحلت كما قال سبحانه إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت فان انشقاق السماء إشارة إلى ذهاب طبيعتها عندما رجعت نفسها إلى بارئها وأذنت داعيها وهو مفاد قوله تعالى يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي