وقد علمت أيضا فيما مضى صحه اتحاد النفس بالعقل وليس ان النفس إذا انفصلت عن الطبيعة بقيت للطبيعة هويه منفصله عن هويه النفس لان هذا من سخيف القول كما مر بيانه غير مره فإذا ارتحلت النفس عن مقام الطبيعة بطلت الطبيعة ودثرت لان قيامها بالنفس كما أن قوام النفس بالعقل وقوام الكل بالحي القيوم ولأجل ان قوام الطبيعة بالنفس وكأنها كانت تحس بالفناء والاضمحلال دون النفس صارت جذابة للنفس إليها ومتروقة في عينها حائله بينها وبين تقدسها وطهارتها واتصالها بالعقل مخافة ان يبطل ويضمحل.
وهذا أيضا لحكمة ومصلحة من الله في اشتغال النفس برهة من الزمان لتدبير عالم الطبيعة إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا فاذن قد ثبت بالبرهان المأخوذ من العلة الغائية ان جميع عالم الطبيعة داثر هالك.
وهم وتعليم.
ولك ان تقول لم وجب الدثور والفناء للطبيعة وكيف لا يلتحق بمنزله النفس كما يلتحق النفس بمنزله العقل قلت قد علمت ذلك فيما سبق واما البيان اللمي لذلك فهو ان النفس حيث كانت ذات جهتين لأنها من جهة ذاتها كأنها جوهر عقلي ثابت بالقوة ومن جهة تعلقها بالطبيعة ونسبتها إليها جوهر متجدد غير ثابت وهاتان الجهتان مما يشبه ان يكون إحديهما مقومه للنفس داخله في قوامها لأنها الجنبة العالية والأخرى لاحقه لذاتها وهي الجنبة السافلة المضافة إلى امر متجدد.
فإذا سقطت عنها هذه الإضافات رجعت إلى منبعها الأصلي وحيزها العقلي واما الطبيعة فهي سارية في أقطار الهاوية نائية عن عالم البقاء والنور متخلصة إلى محل التجدد والدثور فهي لاهية عن الأمور العقلية غير عارفه بها ولا مشتاقة إليها فلا يمكنها اللحوق بعالم البقاء وبما فيها من الجهة العقلية النوعية فحكمها حكم سائر المعاني النوعية.