الأجسام لا بد وأن يكون أمورا مختلفه غير خارجه عن ذاته لأنا نعلم أن للأجسام آثارا مختلفه كقبول الانفكاك والالتيام بسهولة كالماء والهواء أو بعسر كالأرض والنار و امتناعهما كالكواكب والسماء وكاختصاص كل قسم من اقسام الفلكيات والعنصريات بما له من الشكل والمكان والوضع والكيفية اللازمة له أو المجبول على حفظها عند الحصول وطلبها عند الزوال بقاسر والرجوع إليها بمجرد زوال القاسر على أسرع ما يتصور في حقه.
ونعلم بالضرورة أيضا ان العنصر الثقيل مثلا انما يتحرك إلى المركز بحسب ذاته والعنصر الخفيف انما يتحرك إلى السماء بحسب ذاتها أو بحسب امر خاص بكل واحد منهما غير خارج عن ذاته وعن مقومات ذاته ومحصلات وجود ذاته.
فتلك المبادئ لا يمكن أن تكون هي الجسمية المتفقه والا لاتفقت الآثار و لا الهيولى لأنها كما علمت قابله محضه والكلام في المقتضى ولأنها واحده في العنصريات فيعود مثل المحذور المذكور في مبدئية الجسمية المشتركة وهو اتفاق الآثار في أجسام هذه الدار ولا العقل المفارق لتساوي نسبته إلى جميع الأجسام ولا يجوز استنادها أيضا إلى الباري ابتداء بلا وسط لان نسبه الباري إلى الأشياء نسبه واحده والأشرف منها مهية وآنية أقدم منه تعالى صدورا وفيضانا.
وهذا لا ينافي القول بالفاعل المختار ما لم يجوز الترجيح من غير مرجح و ما لم يبطل اخذ الحكمة والترتيب فاختصاص بعض الأجسام بصفات وآثار مخصوصة لا بد في حصوله من الفاعل الحكيم والفاطر العليم من مخصص وهو المسمى بالصورة النوعية.
نعم انما ينسد باب اثبات الصور النوعية بل سائر القوى والكيفيات الغير المحسوسة بل المحسوسة أيضا عند من يثبت الفاعل المختار بمعنى من له اراده بلا داع وحكمه إذ مع تمكين هذه الإرادة الجزافية ارتفع الاعتماد على المحسوسات ولم يبق مجال للتأمل في المقدمات والنظر في العلوم النظريات ولا أيضا يامن الانسان ان يخلق