الحاصلة في مادتها على ما هو المشهور عند جمهور الحكماء مثل الحركات والكيفيات كالحرارة والبرودة في النار والماء حيث قال وذلك لان مصدر الفعل الجسماني قوامه ووجوده بالجسم ولا يجوز ان يصدر عنه فعل بلا مشاركه وضع بينه وبين ما يصدر عنه.
فإذا كانت القوى المنطبعة في الأجسام لا يصدر عنها فعل بلا واسطه أجسامها والطبيعة قوة جسمانية فلا يصدر عنها فعل الا بواسطة جسمها والفعل الذي واسطه جسمها شرط في اتمامه انما يصح في أشياء خارجه عن الجسم لا في نفس الجسم وكيف يصح فعلها في الجسم وشرط كونها فاعله كون جسمها واسطه ولا يمكن ان يكون الجسم واسطه بين الطبيعة التي فيه وبين ذاته فاذن فعلها في أجسامها محال قطعا.
بل معنى قولنا ان الطبيعة هي مبدء تلك الأشياء مثل حركه والحرارة و البرودة مثلا غير ذلك هو ان الجسم المنطبع بتلك الطبيعة انما تستعد بحدوث الطبيعة لتلك الأشياء فإذا تم استعدادها لها أفاضها واهب الصور عليها باذن خالقه جلت قدرته فكما ان الطبيعة فاضت على الجسم بعد استعداد خاص وتهيؤ تام لذلك الفيض فكذلك القوى الأخرى يفيض على الجسم بعد استعداد تام لقبولها والاستعداد التام يحدث بعد حدوث الطبيعة فيها الا انه لما كان وجود الطبيعة في الأجسام شرطا لقبول ذلك الفيض قيل إن الطبيعة سبب لذلك أو مبدء لذاك.
وهكذا في غير هذا إذا تأملت وجدت بعض الهيئات والصفات متقدما وجوده على وجود البعض ووجوده شرطا لوجود المتأخر أعني ان المادة القابلة لذلك البعض انما يستعد تمام الاستعداد لقبول بعض آخر بوجود ذلك البعض الذي هو شرط الاستعداد التام فبهذا الوجه يقال عليه انه سبب للمتأخر وكذلك نسبه النفس إلى قواها و صفاتها نسبه الطبيعة إلى ما قلناه انتهى.
وهو صريح في أن هذه الأمور معدات للآثار وليست فواعل فإنه لما ثبت ان فاعل الحرارة في النار والبرودة في الماء والجمودة في الأرض ليس أمرا مقارنا لتلك