أو سماويا لأنها من حيث ذاتها جوهر صوري ولها قوة قبول التغيرات والانفعالات و سنوح الإرادات والتصورات فكبرى القياس الأول وهو قولهم كل ما هو بالفعل لا يكون بالقوة تكون منسوخه بقياس من الشكل وهو ان النفس الانسانية مثلا امر بالفعل من جهة ذاتها وكل نفس انسانية يكون لها قوة امر ما فينتج بعض ما هو امر بالفعل يكون له قوة امر ما.
والجواب عنه ان النفس الانسانية وأمثالها وان كانت مجرده بحسب الذات لكنها مادية بحسب الافعال والصفات وكما أن الشئ الواحد بحسب المهية يجوز ان يكون جوهرا وعرضا باعتبارين مختلفين فكذلك قد يكون امر واحد مجردا وماديا من جهتين مختلفتين فحيثية كون النفس بالفعل انما هي من قبل ذاتها المستندة إلى جاعلها التام وحيثية كونها بالقوة انما هي من جهة أفاعيلها وآثارها الموقوفة على تهيؤ المادة التي هي آله لصدور تلك الأفاعيل والسر فيه ان النفس في أول تكونها في غاية القصور والضعف ففيها مع بساطتها حيثيتان عقليتان نسبتهما إليها نسبه الجنس والفصل إلى النوع البسيط فمن حيث إنها صدرت من المبدء الفياض الذي هو بالفعل من جميع الوجوه فهي موجودة بحسب الذات ومن حيث وجودها الحدوثي متعلق بالمادة فهي قاصرة عن رتبه الكمال في أول نشوها محتاجة إلى الاستكمال بما يكملها من العوارض التي يفتقر إلى مادة يحمل قوة حصولها وتجددها فجهة الافتقار إلى الكمال وحامل قوة الاستعداد له هي المادة التي تعلقت بها وجهه الوجود والفعلية هي نفس ذاتها المفاضة عن الجواد المحض.
فقد صح من هيهنا أيضا ان جميع جهات الفعلية والتمام يرجع إلى القيوم الواجب سبحانه وجهه القوة والعدم يرجع إلى الهيولى الأولى الصادرة عن الوسائط العقلية بواسطة جهة الامكان الذاتي فيها فالمادة منبع الشرور والعدم والقصور ومنبعها الامكان الذاتي المندمج في كل وجود امكاني لأجل نزول مرتبته عن الوجود التام القيومي جل مجده و عظمت كبريائه.
وبهذا الأصل يندفع شبهه الثنوية القائلين بصانعين قديمين لما وجدوا من