نحو وجوده.
واما من ذهب إلى أن الوجود لا حقيقة له ولا صوره منه في الخارج فلا محاله يلزمه القول بان العلية والمعلولية والتقدم والتأخر الذاتيين لا يكون الا من جهة المهيات وبحسبها فإذا كانت العلة والمعلول جوهرين كالعقل والنفس أو كالمادة والصورة وما يتركب منهما فلا بد على مذهبه ان يكون المهية الجوهرية في كونها مهية جوهرية علة لمهية جوهرية أخرى كذلك لان هذا من ضروريات كون الوجود امر اعتباريا فان الامر الاعتباري لا يكون فاعلا مؤثرا ولا مجعولا منفعلا فما ذكره هذا المعترض غير وارد على شئ من المذهبين بل ذلك وارد على من جمع في مذهبه من كل واحد من المذهبين شيئا فرأى رأى المشائين في نفى التفاوت بين الذاتيات والمهيات بالتقدم والتأخر والأولوية وعدمها ورأى رأى الرواقيين في أن الوجود امر ذهني لا تأثير لها ولا تأثر وانما الجاعلية والمجعولية بحسب المهيات لا غير فيلزم عليه التناقض وقد مر في أوائل هذا السفر ورود هذا الالزام على جمع من الاعلام وقد خرقوا الاجماع المركب الواقع من الحكماء العظام وصادموا البرهان المتبع للعقول في الاحكام.
واما الجواب عن البحث الخامس فانا نقول إن جوهرية الجسم وان لم تكن غير جوهرية مجموع الجزئين ولا زائدة عليهما الا ان جوهريته غير جوهرية كل واحد من الجزئين بالعدد بناء على ما ذهب إليه تبعا لأكثر القوم من أن جعل المادة غير جعل الصورة فاما إذا كان جعلاهما واحدا لم يكن لاحد ان يقول جوهرية الجسم غير جوهرية كل منهما بالعدد كما في النوع البسيط بالنسبة إلى جنسه وفصله فالجسم جوهر موجود لا محاله وليس وجوده الجوهري على ما اختاره عين وجود أحد جزئيه ولا جوهرية الجزء والكل واحدا بالعدد بل بحسب المفهوم من المعنى الجنسي فمجرد انه لم يكن معنى الجوهرية التي في الكل غير معنى الجوهرية التي في الجزئين لم يلزم ان لا يكون الكل في نفسه جوهرا ثالثا بل للكل جوهرية