الموضوع لهذه حركه الجوهرية هو الهيولى ولكن لا بنفسها لعدم قوامها الا بصوره ما بل هي مع صوره ما لا على التعيين موضوعه لهذه حركه فإنما يقع حركتها في خصوصيات الصور الجوهرية وهذه كالحركة الكمية فان الهيولى مادة الكم المقداري لا يمكن خلوه عن مقدار ما فهي مع مقدار ما باقيه موضوعه للحركة في خصوصيات المقدار فلا تبطل وحدتها المعتبرة في بقائها وانحفاظها بتعاقب الصور عليها كما لا تبطل بتوارد المقادير عليها.
وقد علمت أن المقدار التعليمي ليس مما يمكن تجرد المادة عنها لا في الوجود ولا في الوهم أيضا فاذن الموضوع للحركة الجوهرية باق بعينه بحاله التي اعتبرت في قوام وجوده ومع توارد خصوصيات الجوهر الصوري عليه فلا محذور في ذلك كما زعمه الشيخ الرئيس ومتابعوه.
وأيضا فلو لم يكن حد مشترك بين الماء والهواء حتى يكون أسخن الافراد المائية وأبرد الافراد الهوائية يلزم المحذور المذكور آنفا من خلو الهيولى من كافه الصور في آن فهو مستحيل اتفاقا وبرهانا وهذا مما لا مخلص لهم عنه الا بتجويز حركه في الصور الجوهرية أي الاشتداد والتضعف.
تنبيه ومما ينبه على هذا المطلب ويؤكده ان المنى في الرحم يزداد كمالا حتى يصدر عنه فعل النبات ثم يتكامل حتى يصدر عنه أفعال الحيوان ثم آثار الانسانية فلو كان حدوث هذه الكمالات فيه دفعيا بلا تدرج في الاشتداد والاستكمال على سبيل فساد دفعي وكون آني يلزم تعاقب الفواعل المتبائنة الذوات على مادة مشتركة وذلك غير صحيح في الأفاعيل الطبيعية فان تفويض أحد الفاعلين مادة فعله إلى الاخر انما يصح في الصناعات الاختيارية الواقعة بالقصد والروية دون الطبيعية فان مادة كل فعل طبيعي متقوم بفاعله.