حارتان غريزيتان ولها طبقات كثيرة الروح التي هي مطية النفس في هذا العالم جوهر ناري غير مركب من العناصر كما زعمه الجمهور بل هي من جنس الأجرام السماوية غير قابله للموت والبرد لكونها حيه بالذات نعم قد تعدم ولا يوجد لا انها تموت وفرق بين الفساد والعدم كما أنه فرق بين الوجود والتكوين وهذه المباحث بعيده عن أذهان أكثر المستقلين بالفكر فضلا عن المقلدين فصل [19] في مهية الرطوبة واليبوسة وآنيتهما ورد في كلام بعض المتقدمين ان رطوبة الجسم كونه بحيث يلتصق بما يلامسه ورده الشيخ بان الالتصاق لو كان للرطوبة لكان أشد الأجسام التصاقا أشدها رطوبة فما ليس كذلك والا لكان العسل أرطب من الماء فالمعتبر في الرطوبة سهولة القبول للتشكل وتركه فهي الكيفية التي بها يكون الجسم سهل التشكل بشكل الحاوي الغريب وسهل الترك له واليبوسة هي التي يعسر بها قبول الشكل الغريب وتركه وقال الإمام الرازي بان المعتبر في الرطوبة سهولة الالتصاق ويلزمها سهولة الانفصال فهي كيفية بها يستعد الجسم لسهولة الالتصاق بالغير وسهولة الانفصال عنه ولا نسلم ان العسل أشد التصاقا من الماء ان عنيت به سهولة الالتصاق إذ لا شك ان الشئ كلما كان أرطب كان أسهل التصاقا من الماء وان عنيت لشدة الالتصاق أو كثرته دوام الالتصاق فنحن لا نفسر الرطوبة بدوام الالتصاق حتى يلزمها ان يكون الأدوم التصاقا أرطب.
وأيضا ليست الرطوبة نفس الالتصاق حتى يكون الأدوم أرطب بل الالتصاق عرض من باب الإضافة والرطوبة من باب الكيف بل هي ما به يستعد الجسم للالتصاق ويلزمها لا محاله سهولة الانفصال المنافي لصعوبة الانفصال.
أقول اعتراض الشيخ ليس على تفسير الرطوبة بسهولة الالتصاق والانفصال كما يدل عليه ظاهر كلامه ولهذا يوجد هذا التفسير في بعض كتبه بل مبناه على أنه لا تعرض