غير ادراك الملائم والألم غير ادراك المنافى.
ووجه الدفع ان الحلو ملائم لقوته الذوقية وليس آفة لها بالفعل بل قوة وكمالا لها وكذا الأدوية البشعة ليست ملائمة ولا نافعة للقوة الذوقية وانما عدم ملائمة الحلو ووجود ملائمة البشع لان ذلك يوجب زيادة الخلط الردي المنافى لمزاج البدن وهذا يوجب دفع ذلك الخلط الردي فيعود ذلك وبالا وهذا نفعا لا لأجل ادراكيهما ولو فرض الادراك للحلو حاصلا ولم يعرض امر آخر كان خيرا محضا ولذة.
ولو أدرك البشاعة والمرارة ولم يعرض امر آخر كان شرا محضا وألما والامر العارض هو الذي يخرج الدواء خلطا مؤذيا أو يحيله إلى خلط جيد يتغذى به أو يقوى البدن فلهذين الامرين يحصل الضرر والانتفاع لا بمجرد الادراكين الأولين فصل [5] في ابطال القول بان المؤلم الموجع في الجميع هو تفرق الاتصال قال امام الأطباء جالينوس ان السبب الذاتي للوجع وهو الألم الحسى هو تفرق الاتصال فان الحار انما يوجع لأنه تفرق الاتصال والبارد انما يوجع أيضا إذ يلزمه تفرق الاتصال لخلاف جانب الجمع والتكثيف والأسود في المبصرات يؤلم لشدة جمعه والأبيض لشدة تفريقه والمر والحامض يؤلم لفرط تفريقه والعفص لفرط تقبيضه فيتبعه تفرق الاتصال وكذا الأصوات القوية يؤلم بالتفرقة بعنف من حركه الهوائية عند ملاصقته للصماخ.
وبالجملة فالأطباء اتفقوا على أن تفرق الاتصال سبب ذاتي للوجع.
أقول لا شك ان لفظه اللذة والألم عند العامة لا يطلقان الا للحسي فقط بناء على عدم تفطنهم بنحو آخر من الوجود ولا شبهة في أن موضوع كل حس جسم لطيف متفاوت في اللطافة له صوره اتصالية وله أيضا كيفية مزاجية اعتدالية فسبب الألم اما زوال اتصاله بورود الانفصال أو زوال مزاجه بورود ضد المزاج.