واعلم أن من القدماء من أنكر وجود البرودة وجعلها عدما للحرارة ورد بان الجمود والتكثيف كالسيلان والترقيق فعلان وجوديان مقابلان لهما ولا يمكن اسناد الفعل الوجودي إلى العدم ولا إلى الجسمية المشتركة فلا بد من وجود كيفيتين وجوديتين لتكونا مصدرين لهذه الأفعال الأربعة المتقابلة.
ويمكن ان يأول كلام القدماء بان وجود الحرارة أقوى من وجود البرودة فوجود البرودة عادم لشدة الوجود ولذلك فعل الحرارة أشبه بالوجودي من فعل البرودة لان السكون والجمود أشبه بالعدم من حركه ولأن الحرارة قد تكون جوهرا سماويا كالطبيعة الفايضة من عالم النفوس على أبدان فتفعل أفعالا غريبه مخالفه لفعل هذه الحرارات العرضية فصل [18] في مهية الحرارة الغريزية وآنيتها ربما يتوهم ان اطلاق الحرارة على حراره النار وعلى الحرارة الفايضة من الأجرام الكوكبية وعلى الحار الغريزي الفايض من عالم النفوس وعلى الحرارة الحادثة بالحركة بحسب اشتراك الاسم وليس كذلك لأنه لمفهوم واحد وهو الكيفية المحسوسة التي توجب التلطيف والتصعيد وان كانت الحرارة مختلفه بالحقيقة والذي يشك فيه اختلاف المفهوم انما هو في اطلاق الحار على النار وعلى النيرات السماوية وعلى الطبيعة الفاعلة في الأبدان وعلى الأدوية والأغذية التي يظهر منها حراره في بدن الحيوان وهل في كل من الكواكب والدواء صفه مسماه بالكيفية المحسوسة التي تكون في النار أم ذلك توسع واطلاق الحار على ما منه الحرارة وان لم يقم فيه المسمى بالحرارة فيه تردد.
والحق انه لو ثبت فيما منه الحرارة انه يفعلها بالذات فهو حار فان القوى تعرف بأفاعيلها والأثر من جنس المؤثر وان فعلها بالعرض بان يسد المسام أو يجمع