كان وجودها حينئذ وجودا يترتب عليه آثار مخصوصة بنوع من الكيف النفساني وهو العلم فيكون في الذهن من باب الكيف لكونه مصداقا له وفردا منه وليس من باب الجوهر وإن كان هو بعينه نفس معنى الانسانية إذ ليس مصداقا ولا فردا منه كما مر تحقيقه مرارا ولا شبهة في أن الجوهر الخارجي أولى بالجوهرية لكونه مما يصدق عليه الجوهرية بالذات من الجوهر الذهني لأنها غير صادقه عليه حملا متعارفا بل هو مجرد مفهومها المعتبر فيه.
وهذا وجه آخر لطيف في توجيه كلامهم من أن الاشخاص الجوهرية أولى بالجوهرية من الأنواع والأجناس.
واما الجواب عن البحث الثالث فبان نقول حسب ما لوحنا إليه سابقا ان الجوهر المفسر بقولنا الموجود لا في موضوع يعتبر بوجهين أحدهما حال المهية والاخر حال الوجود المستغنى عن الموضوع لان الوجود عند هؤلاء القوم موجود بحسب نفسه كما مر ذكره فالتقدم والتأخر إذا وصف بهما المهيات يكون ملاك التقدم والتأخر غيرها كالوجود في التقدم العلى والتأخر المعلولي وكذا الزمان في التقدم والتأخر الزمانيين والمكان وغيره في الرتبيين والشرف والخسة وأما إذا وصف بهما الوجود فربما يكون الملاك أيضا نفسه.
إذا تقرر هذا فنقول لا شك في أن وجود الجوهر المركب بما هو مركب غير وجود البسائط فجوهريته بالعدد غير جوهرية جزئيه ويتوقف عليهما واما ان جوهرية المركب كالجسم مثلا في أنها جوهرية غير جوهرية الجزئين في كونهما جوهرين وبحسبهما متوقفة عليهما فالحكماء المشاؤن واتباعهم يتحاشون عن ذلك فمن الذي قال إن جوهرية الجسم في كونها معنى الجوهر غير جوهرية الهيولى والصورة بل الذي قالوا به ليس الا ان جوهرية المركب غير جوهرية الجزئين بالوجود والعدد وهذا امر واضح في النوع الواحد الطبيعي.
واما فيما ليست له وحده طبيعية كالحجر الموضوع بجنب الانسان فليس