في ذلك المكان المعين فلو توقف الحصول في ذلك المكان على حصول تلك الصفة فيه لزم الدور وهو محال.
أقول فيه نظر من وجهين أحدهما ان تلك الصفة يمكن ان يكون جزء من العلة أو معدا أو شرطا فلا يلزم مقارنتها للمعلول على وجه الضرورة.
وثانيهما ان حصول تلك الصفة وان لم يتحقق الا عند كون المتمكن في مكانه لكن ذلك بحسب الظرفية المقارنة لا بحسب السببية والتقدم والفرق بين المعنيين كالفرق بين القضية المشروطة ما دام الوصف والمشروطة بشرط الوصف والثانية أخص من الأولى والأعم لا يستلزم الأخص فان كل كاتب يحتاج إلى حركه الأصابع في وقت الكتابة وتلك حركه ضرورية على ذلك الوقت بأسبابها المؤدية إليها في ذلك الزمان وليس ان الكتابة أوجبت تلك حركه بل العكس أولى فان وجود تلك حركه يقتضى وجود الكتابة في الخارج.
فصل [3] في تتمه أحوال الأين فمنها انه يعرض له التضاد فان الكون في المكان الذي عند المحيط هو مقابل للكون الذي عند المركز وهما أمران وجوديان بينهما غاية التخالف ولا يجتمعان في موضوع واحد في آن واحد وصح تعاقبهما عليه فهما متضادان.
ومنها انه يقبل الأشد والأضعف لكن قبوله لهما ليس بحسب جنس الأين فان كون الشئ في مكانه لا يكون أشد من كون شئ آخر في مكانه لان مفهوم الحصول في المكان لا يقبل الشدة والضعف بل انما يقبل الجسمان الأشد والأضعف بحسب طبيعة نوعية لمكانها كالفوق أو التحت أو فيهما كالجسمين إذا كانا في الفوق وأحدهما أعلى من الاخر أي كان أقرب إلى الحد الذي هو المحيط فهو أشد فوقيه من الاخر.