فصل [8] في تعقيب ما قاله الشيخ في لذة الحواس وحل ما يشكل فيه قال في الفصل الثالث من المقالة السادسة من علم النفس من طبيعيات الشفاء الحواس منها ما لا لذة لفعلها في محسوساتها ولا ألم.
ومنها ما يلتذ ويتألم بتوسط المحسوسات فاما التي لا لذة لها ولا ألم فمثل البصر فإنه لا يلتذ بالألوان ولا يتألم بذلك بل النفس يتألم بذلك ويلتذ وكذا الحال في الاذن فان تألمت الاذن من صوت شديد والعين من لون مفرط كالضوء فليس تألمها من حيث يسمع أو يبصر بل من حيث يلمس فإنه يحدث فيه ألم لمسي وكذلك يحدث فيه بزوال ذلك لذة لمسية.
واما الشم والذوق فإنهما يتألمان ويلتذان إذا تكيفا بكيفية منافرة أو ملائمة.
واما اللمس فإنه قد يتألم بالكيفية الملموسة وقد يلتذ بها وقد تلتذ ويتألم بغير توسط كيفية من المحسوس الأول بل بتفرق الاتصال والتيامه انتهى ما قال الشيخ واعترض عليه بعض شارحي القانون وهو المسيحي بقوله هذا في غاية الاشكال.
اما أولا فإنه كان يرى ويعتقد ان المدرك للمحسوسات الجزئية هي الحواس فمذهبه في هذا الموضع اما ان يكون هو ذاك أو لا يكون فإن كان الأول فيكون ناقض كلامه في البصر والسمع وإن كان الثاني فيكون قوله في غير السمع والبصر قولا فاسدا.
واما ثانيا فلان كل واحد من الحواس له محسوس خاص يستحيل ان يدركه غيره وبديهة العقل حاكمه بهذا وحينئذ نقول كيف يتصور ان يقال إن القوة اللامسة الحاصلة في الاذن والعين هي المدركة للصوت المفرط واللون المؤذي.
واما ثالثا فلان ذلك مناقض لحده اللذة والألم فإنه حد اللذة على ما عرفت بأنها ادراك الملائم من حيث هو ملائم والملائم للقوة الباصرة ادراك المبصرات الحسية