الحيوان بما هو حيوان من جنس الأصوات والألوان ولهذا إذا قطع عنه الملموس ساعة يهلك والمطعوم يوما أو يومين يموت والمشموم زمانا قصيرا أو طويلا يتضرر به ولا كذلك إذا بقي في غار مظلم قطع عنه الأنوار والألوان والأصوات إذ لا يتفاوت حاله اللهم الا الحيوان الانساني لمكان نفسه التي هي من عالم الأنوار وعالم النسب الشريفة العددية فيلتذ عن رؤية الأنوار واستماع النغمات الموزونة ويتألم عن الظلمات والألوان الكدرة الموحشة واما تضرر العين عن الضوء الشديد أو اللون المفرط فمن جهة لامسه العين إذ لا يخلو الهواء المتوسط المماس للعين عن كيفية حر شديد أو برد شديد في الصورتين يتضرر بها العين وكذا كضرر الصماخ عن الصوت الشديد فلأجل مصادمة الهواء القارع للصماخ كما لوح إليه الشيخ لا ان اللامسة أدركت الضوء والصوت ولا ان الباصرة وأدركت الهواء الملموس أو السامعة لمست القارع من الهواء فالملخص ان الملائم والمنافي للحواس التي هي قوى جسمانية ولآلاتها ومحالها التي هي أجسام مركبه كثيفة هو من مدركات اللامسة والذائقة والشامة.
واما مدركات الباصرة والسامعة فليست ملائمة ولا منافيه لمواضع ادراكاتهما ولا لهما من حيث هما حالتان للعين والاذن بل من حيث هما قوتان للنفس فلا جرم ثبت للثلاث الأول لذات وآلام ولا تثبت لهاتين لذة ولا ألم بل للنفس بواسطتهما فهذا ما عندي في هذا المقام والله ولى الفضل والانعام.
فصل [9] في الصحة والمرض وهما من الكيفيات النفسانية اما الصحة فعرفها الشيخ في أول القانون بأنها ملكه أو حاله تصدر عنها الافعال من الموضوع لها سليمه وليست كلمه أو للترديد المنافى للتحديد بل للتنبيه على أن جنس الصحة هو الكيفية النفسانية سواء كانت راسخة أو غير راسخة فلا يختص بالراسخة كما زعم البعض على ما قال الشيخ في الشفاء انها ملكه في الجسم الحيواني يصدر عنه لأجلها