لإباء أحدهما عن الاجتماع مع الاخر كإباء اجزاء كل جسم ان يجتمع اثنان منها في حيز واحد فعلم أن ذلك من خاصية المادة لا غير.
ثم من أمعن النظر في حال كل جسم طبيعي يجد ان في جبلته طلب المكان الطبيعي والمحافظة عليه وذلك مما له مدخل في صلاح وجود الجسم بما هو جسم لا بما هو ذو سطح وليس في طبع الجسم بما هو جسم ان يطلب شيئا لا يوجد له بالحلول ولا بالمداخلة التامة معه ونفس السطح الذي للحاوي يمتنع الحصول للمحوى ولا المماسة له ممكن الحصول له بما هو جسم وقد لا يكون موجودا عند طلب الجسم المكان وحركه في الكيف وإن كان فيها طلب كيفية لا تكون بعينها حاصله الا ان المتحرك فيها ما دامت حركته يكون له كيفية متصلة إلى أن يتصل إلى تلك الكيفية المطلوبة وكذا حركه في الكم والوضع وغيرهما فالمكان إن كان بعدا والأين نسبه الجسم إليه فحال حركه فيه كما ذكرنا فيوجد في حركه فرد من الأين التدريجي المتصل المنطبق على المكان المتصل الممتد بين ابتداء حركه وانتهائها الذي هو المطلوب بالحركة وأما إذا كان المكان سطحا والأين عبارة عن نسبه الجسم إليه فلا يتصور فرد تدريجي اتصالي للسطح ولا للنسبة إليه ذا لا سطح في كل آن لاستلزامه تتالي السطوح وتركب الزمان والمكان من غير المنقسمات ولا في زمان حركه فرد زماني من السطح وهذا أيضا يرشدك إلى كون المكان بعدا فصل [14] في الرد على القائلين بالخلا وهم طائفتان والأكثرون منهم زعموا ان الخلا امر غير وجودي أي ليس أمرا وجوديا قال الإمام الرازي نحن نعبر عن مذهبهم بعبارة لا توهم كونه أمرا وجوديا.