ليست من المحسوسات وهذه الصورة الحادثة بعد المزاج قد يتفق أن يكون كمالها الانفعال من الغير إذ كانت هذه الصورة قوة انفعالية وقد يتفق أن يكون كمالها فعلا في الغير إذا كانت هذه الصورة قوية على فعل في الغير وإذا كانت فعالة في الغير قد يتفق أن يكون فعلها في بدن الانسان وقد يتفق أن لا يكون وان كانت قوة تفعل في بدن الانسان فقد يتفق أن تفعل فعلا ملائما وقد يتفق أن تفعل فعلا غير ملائم وتكون جملة ذلك الفعل فعلا ليس مصدره عن مزاجه بل عن صورته النوعية الحادثة بعد المزاج فلهذا يسمى هذا فعلا بجملة الجواهر أي بصورة النوع لا بالكيفية أي لا بالكيفيات الأربع وما هو مزاج عنها أما الملا ثم فمثل فعل فاوانيا في ابطاله الصرع واما المنافي فمثل قوة البيش المفسدة لجوهر الانسان ونرجع الآن فنقول انا إذا قلنا للشئ للمتناول أو الملطوخ انه حار أو بارد فإنما نعنى انه كذلك بالقوة لا بالفعل ونعني انه بالقوة أحر من أبداننا أو أبرد من أبداننا ونعني بهذه القوة قوة معتبرة بوقت فعل حرارة بدننا فيها بأن يكون إذا انفعل حاملها علن الحار الغريزي الذي لنا حدث حينئذ فيها ذلك بالفعل وربما عنينا بهذه القوة شيئا آخر وهو ان تكون القوة بمعنى جودة الاستعداد كقولنا ان الكبريت حار بالقوة وربما اكتفينا بقولنا ان الشئ حار أو بارد إلى الأغلب في مزاجه من الأركان الأولى غير ملتفتين إلى جانب فعل بدننا فيه وقد نقول للدواء انه بالقوة كذا إذا كانت القوة بمعنى الملكة كقوة الكاتب التارك للكتابة على الكتابة مثل قولنا ان البيش بالقوة مفسد والفرق بين هذا وبين الأول ان الأول ما لم يحله البدن إحالة ظاهرة لم يخرج إلى الفعل وهذا اما أن يفعل بنفس الملاقاة كسم الأفاعي أو بأدنى استحالة في كيفيته كالبيش وبين القوة الأولى والقوة التي ذكرناها قوة متوسطة هي مثل قوة الأدوية السمية ثم نقول ان مراتب الأدوية قد جعلت أربعة المرتبة الأولى منها أن يكون فعل المتناول في البدن بكيفيته فعلا غير محسوس مثل أن يسخن أو يبرد تسخينا أو تبريدا ليس يفطن له ولا يحس به الا أن يتكرر أو يكثر والمرتبة الثانية أن يكون الفعل أقوى من ذلك ولكن لا يبلغ أن يضر بالافعال ضررا بينا ولا يغير مجراها الطبيعي الا بالعرض أو الا أن يتكرر ويكثر والمرتبة الثالثة أن يكون فعلها يوجب بالذات ضررا بينا ولكن لا يبلغ أن يهلك ويفسد والمرتبة الرابعة أن يكون بحيث يبلغ أن يهلك ويفسد وهذه خاصية الأدوية السمية فهذا ما يكون بالكيفية واما المهلك بجمله جوهره فهو السم ونقول من رأس ان جميع ما يرد على البدن مما يجرى بينهما فعل وانفعال اما أن يتغير عن البدن ولا يغيره واما أن يتغير عن البدن ويغيره واما أن لا يتغير عن البدن ويغيره فاما الذي يتغير عن البدن ولا يغيره تغييرا معتدا به فاما أن يتشبه بالبدن واما أن لا يتشبه والذي يتشبه به هو الغذاء على الاطلاق واما الذي لا يتشبه به فهو الدواء المعتدل واما الذي يتغير عن البدن ويغيره فلا يخلو اما أن يكون كما يتغير عن البدن بغير البدن ثم انه يتغير عن البدن آخر الامر فيبطل بغيره واما أن لا يكون كذلك بل يكون هو الذي يغير البدن آخر الامر ويفسده القسم الأول اما أن يكون بحيث يتشبه بالبدن أو لا يكون بحيث يتشبه به فان تشبه به فهو الغذاء الدوائي وان لم يتشبه فهو الدواء المطلق والقسم الثاني فهو الدواء السمي وأما الذي لا يتغير عن البدن البتة ويغيره فهو السم المطلق ولسنا نعنى بقولنا انه لا يتغير عن البدن
(٩٦)