للمائية لسوقط قوتها ولأنها لصغرها تصير انفذ فيحصل بسرعة في عضو غير الذي يقف فيه إذا كان كثيرا فيصدر فعله عنه فيه كما حكى جالينوس انه اتفق ان أفرط في سحق أخلاط الكموني فانقلب مدرا للبول بعد ما هو في طبيعته مطلق للطبيعة فيجب أن لا يبالغ في سحق الأدوية اللطيفة الجواهر بل انما يجب أن يبالغ في سحق الأدوية الكثيفة الجواهر وخصوصا إذا أريد تنفيذها إلى غاية بعيدة وكانت كثيفة ثقيلة الحركة مثل أدوية الرئة إذا كانت معمولة من البسد واللؤلؤ والمرجان والشاذنج وما أشبهها واما احكام الاحراق فان من الأدوية ما يحرق لينقص من قوته ومنها ما يحرق ليزاد في قوته وجميع الأدوية الحادة اللطيفة الجواهر أو معتدلتها فإنها إذا أحرقت انتقص من حرها وحدتها بما يتحلل من الجوهر الناري المستكن فيها مثل الزاجات والقلقطار واما الأدوية التي جواهرها كثيفة وقوتها غير حارة ولا حادة فان الاحراق يفيدها قوة حادة مثل النورة فإنها كانت حجرا لا حدة فيه فلما أحرق استحال حادا فالدواء يحرق لاحد اغراض خمسة اما لان يكسر من حدته واما لان يفاد حدة وما لتلطيف جوهره الكثيف واما لان يهيأ للسحق واما لان تبطل رداءة في جوهره مثال الأول الزاج والقلقطار ومثال الثاني النورة ومثال الثالث السرطان وقرن الأيل الذي يحرق ومثال الرابع الإبريسم فإنه يستعمل في تقوية القلب وان يستعمل مقرضا أولى من أن يستعمل محرقا لكنه لا يبلغ التقريض من تصغير أجزائه مبلغا كافيا الا بصعوبة فيحرق ومثال الخامس احراق العقرب في غرض استعماله للحصاة فأما الغسل فإنه يسلب كل دواء ما يخالطه من الجوهر الحاد اللطيف ويسكن منه ويعدله فمنه ما يبرد به بعد الحرارة المفرطة وهذا كل دواء أرضى استفاد من الاحراق نارية فان الغسل يبرئه عنها مثل النورة المغسولة فإنها تبقى معتدلة ويزول احراقها ومنه ما ليس الغرض تبريده فقط بل الغرض منه التمكن من تصغير أجزائه وتصقيلها حتى يبلغ الغاية مثل سحق التوتيا في الماء ومنه ما يغسل لتفارقه قوة لا تراد مثل الاستقصاء في غسل الحجر الأرمني واللازورد حتى تفارقها القوة المغثية واما الجمود فان كل دواء جمد فالقوة اللطيفة فيه تبطل وتزداد بردا ان كان بارد الجوهر وأما المجاورة فان الأدوية قد تكتسب بالمجاورة كيفيات غريبة حتى تستحيل أفعالها فان كثيرا من الأدوية الباردة تصير حارة التأثير لاستفادتها من مجاورة الحلتيت والافربيون والجند بيدستر والمسك كيفية حارة كثير من الأدوية الحارة تصير باردة التأثير لاستفادتها من مجاورة الكافور والصندل كيفية باردة فيجب ان يعلم هذا من أمر الأدوية ويجتنب الأجناس المختلفة بعضها من مجاورة بعض واما أحكام الممازجة فان الأدوية تارة تقوى أفعالها بالممازجة وتارة تبطل أفعالها بالممازجة وتارة تصلح وتزول غوائلها مثال الأول ان بعض الأدوية يكون فيه قوة مسهلة الا انها تحتاج إلى معين إذ ليس لها في طبعها معين قوى فإذا قارنها المعين فعلت بقوة مثل التربد فان له قوة مسهلة لكنه ضعيف الحدة فلا يقوى على تحليل شديد فيستفرغ ما حضر من رقيق البلغم فإذا قرن به الزنجبيل أسهل بمعونة حدته خلطا كثير الزجا باردا زجاجيا وأسرع اسهاله وكذلك الأفتيمون بطئ الاسهال فإذا قارنه الفلفل والأدوية اللطيفة أسهل بسرعة لأنها تعينه في التحليل وكذلك الزراوند فيه قوة قابضة قوية الا أن معها
(٢٣٧)