وتكون النساء والأطفال والبهائم وكل ما فيها غنيمة (تث 20).
وإن ما في هذه الشرائع من الوحشية والقساوة ليدلك على أنها ليست من شريعة الله ولا تعرف موسى، ثم أي وجه وحكمة للتفرقة في سوء الولاية بين الشعوب الستة المذكورين وبين سائر الأمم، فإن كان هو الخوف من الاغواء بشركهم والعدوي بضلالهم فهو موجود بالنسبة إلى سائر الأمم، بل إن الخوف من الكبار الذين يبقون في الصلح والحرب ومن سائر الأمم أشد وأشد من الخوف من الطفل الذي لا يعرف ما كان عليه آبائه، فلماذا حكم بقتل الأطفال من الشعوب الستة.
ومع ذلك فالتوراة الرائجة تذكر أن موسى عليه السلام لم يعمل بهذه الشرائع في سبي مديان، بل أمر بقتل جميع الذكور من الأطفال وجميع النساء اللاتي قاربهن رجل، استبقى البنات اللاتي لم يقربهن رجل وهن اثنان وثلاثون ألفا.
فقل: كم قتل من الأطفال الذكور والنساء الثيبات؟ ولماذا أبقى البنات العذارى إن كن من الشعوب الستة؟ ولماذا قتل الأطفال الذكور والنساء الثيبات إن كانوا من غيرهم، حاشا لله ولرسوله موسى من تشريع هذه العوائد الجائرة القاسية، أفترى أن الله يرسل رسله ليصبغوا الأرض من دماء الأطفال، مع أن التوراة الرائجة لم تذكر من غايات هذه الحروب القاسية دعوة الأمم إلى التوحيد والعدل والصلاح وإنما ذكرت أن الغاية هو استلاب بني إسرائيل للأرض، مع أن مقتضى العهد القديم أن بني إسرائيل لم يخلو في جيل من أجيالهم من عبادة وثنية، كما ذكرنا في الجزء الأول صحيفة 51 - 66.
ويا لهفاه على الحضارة والمدنية مما جنته عليها هذه العوائد الفظة القاسية ويا لهفاه للشريعة الإلهية إذ تلصق بها هذه القساوة والفظاظة الفاسدة، وكيف تعجب إذا من حوادث الوقت إذا انبعثت من ثوراتها أمثال هذه المصائب ناتجة فيها من مجاهرة التوثب ودعوى الحياد.
سهم أصاب وراميه بذي سلم * من بالعراق لقد أبعدت مرماك