المرسلين)، وقال جل اسمه: والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى)، وقال جل شأنه: (والتين والزيتون - وهما أظهر ثمار الأرض المقدسة - وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم..) ونحو ذلك من الأقسام.
فاعترض المتكلف (يه 2 ج ص 108) بقوله: والمسيح يعلمنا ما نصه لا تحلفوا البتة لا بالسماء لأنها كرسي الله ولا بالأرض لأنها موطئ قدميه ولا بأورشليم لأنها مدينة الملك العظيم، ولا تحلف برأسك لأنك لا تقدر أن تجعل شعرة واحدة بيضاء أو سوداء، بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا وما زاد على ذلك فهو من الشرير (مت 5، 34 - 37) يعني أن الحلف هو من عمل الشيطان والقرآن يحلف بكل شئ.
قلنا: إن الذي أقسم بهذه الأقسام في القرآن هو الله جل جلاله، فهل يقول المتكلف إن الله جل شأنه محكوم لإنجيل متى، مع أن العهدين يذكران أن الله جل اسمه أقسم بذاته لإبراهيم (تك 22، 16) وبقدسه لداود (مز 89، 35)، وباسمه العظيم ليهوذا (ار 44، 26) وبيمينه وذراع عزته لصهيون (ا ش 62، 8) وبغضبه لبني إسرائيل (مز 95، 11) وبفخر يعقوب (عا 8، 7)، وذكر أيضا لله أقساما كثيرة فانظر (لو 1، 73 و 1 ع 2، 30 وعب 7، 21) وغير ذلك..
وإن القسم هو توسيط العظيم في تثبيت الكلام وتأكيد مضمونه، وقد يقصد به مع ذلك معنى آخر وهو التنبيه على عظمة المحلوف به والتنويه بشأنه، كما تقول المزامير إن الله أقسم بغضبه، فإن المراد من غضبه جل شأنه هو انتقامه وتنكيله بمن يعصيه لأنه جلا جلاله منزه عن عروض صفة الغضب كما تعرض للبشر، فأراد الله بقسمه بغضبه أن ينبه إلى عظمة نقمته وشرف شأنها في التأديب والتوبيخ وقطع دابر المفسدين.
ونحو ذلك ما ذكرناه عن أشعيا من أن الله أقسم بيمينه وذراع عزته، فإن المراد من ذلك آثار قدرته في نعمته ونقمته جلت عظمته، وبهذا الاعتبار أقسم الله في القرآن الكريم بالقرآن الحكيم والأماكن المقدسة مظاهر البركة والرحمة كما