وإذا ذبح الحسين عليه السلام وقتل في كربلاء، فإن نداءاته ظلت تدوي من حنجرة الإمام السجاد عليه السلام في مسيرة الأسرى، وفي قلب مجالس الحكام.
وليس من الإنصاف، في القاموس السياسي، أن يوصف من يؤدي هذا الدور، بالانعزال عن السياسة، أو الابتعاد عن الحركة والنضال!
بل، إذا كانت حركة الإمام الحسين عليه السلام سياسية، كما هي كذلك بلا ريب فكما قال القرشي: إن الإمام زين العابدين عليه السلام من أقوى العوامل في تخليد الثورة الحسينية، وتفاعلها مع عواطف المجتمع وأحاسيسه، وذلك بمواقفه الرائعة التي لم يعرف لها التاريخ مثيلا في دنيا الشجاعة والبطولات! أما خطابه في بلاط يزيد فإنه من أروع الوثائق السياسية في الإسلام (1).
وبرز الإمام زين العابدين عليه السلام على مسرح الحياة الإسلامية كألمع سياسي إسلامي عرفه التاريخ، فقد استطاع بمهارة فائقة - وهو في قيد المرض والأسر - أن ينشر أهداف الثورة العظمى التي فجرها أبوه الإمام الحسين القائد الملهم للمسيرة الإسلامية الظافرة، فأبرز قيمها الأصلية بأسلوب مشرق كان في منتهى التقنين، والأصالة، والإبداع (2).