في الكل قبيحا، يكون كذلك بالنسبة إلى بعض النفوس، إذ جميع النفوس مستعدة للاستكمال، فاللازم هو بعث النبي الذي فاق الآخرين في الصفات المذكورة حتى يتمكن من هدايتهم وتربيتهم في أي درجة ومرتبة كانوا. ولقد أفاد وأجاد في توضيح المراد حيث قال: " إعلم أن الانسان من حيث الكمال لا يقف على حد، بل في كل حد منه كان له إمكان أن يجوز إلى حد بعده، إن اجتمعت الشرائط، فمقتضى لطفه وجوده تعالى أن يكون بين الناس من يتيسر له تزكية الناس، وتكميل كل أحد وترقيته من أي حد إلى ما فوقه، بتقريب الشرائط، وهو النبي أو مثله ممن يقوم مقامه، فلابد أن يكون هو في حد كامل بحيث يتيسر منه ذلك في جميع المراتب، وتنقاد الأمة للتعلم عنده والخضوع لديه " (1) ولعل من اقتصر على أصل الصفات لا الأكملية زعم أن النبي مخبر عن الله تعالى، ولم يلتفت إلى أن التزكية والتربية أيضا من شؤونه، فيجب أن يكون في الصفات أعلى مرتبة.
وقد يستدل على اتصاف النبي بأفضل الصفات الخلقية والعقلية، بأنه يجب أن يكون أفضل أهل زمانه، لقبح تقديم المفضول على الفاضل عقلا وسمعا.
قال الله تعالى: " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون " (2).
ثم لا يخفى عليك أن من اشترط اتصاف الأنبياء بكمال العقل والذكاء والفطنة ولم يشترط الأكملية فيها، استدل له بأنه لولاه لكان منفرا، كما قال العلامة الحلي - قدس سره - في شرح تجريد الاعتقاد: " ويجب أن يكون النبي في غاية الذكاء والفطنة وقوة الرأي، بحيث لا يكون ضعيف الرأي، مترددا في