____________________
(2) ولا يخفى عليك أن الدليل المذكور وإن كان صحيحا متينا، ولكنه أخص من المدعى، فإن ما يلزم للرئاسة العامة ولإدارة العالم، بعض الصفات لا جميعها، كالأكملية في الزهد والانقياد والعبودية. هذا مضافا إلى أن الغاية من إرسال الرسل والأنبياء لا تنحصر في الرئاسة العامة وإدارة العالم، بل الغرض الأقصى هو هداية الإنسان نحو الكمال، وإرشادهم إلى سعادتهم في الدارين، والحكومة والرئاسة العامة، ليست من الأهداف النهائية وإن كانت من الأهداف المتوسطة وشأنا من شؤون الإمامة، فالمناسب هو التعليل به كما سيأتي تقريبه إن شاء الله تعالى على أن كل نبي لا يكون مبعوثا للرئاسة العامة وإدارة العالم، إذ الأنبياء على درجات مختلفة. فالدليل لا يثبت الاتصاف بالصفات المذكورة في جميعهم. فالأولى في مقام الاستدلال أن يقال: إن الغرض من بعث النبي، حيث كان استكمال نفوس من بعث إليه، فاللازم هو أن يكون في الصفات أفضل من المبعوث إليهم، حتى يتمكن له أن يهديهم ويستكملهم، فإن كان مبعوثا إلى قوم خاص فاللازم هو أن يكون هو الأفضل منهم في جميع الصفات الخلقية والعقلية، وإن كان مبعوثا إلى العالمين في عصر، فاللازم أن يكون أفضل منهم في ذلك الزمان، وإن كان مبعوثا إلى العالمين إلى يوم القيامة، فاللازم هو أن يكون أفضل من جميعهم حتى يتمكن من أن يهديهم ويستكملهم.
وذلك واضح إذ لو كان في المبعوث إليه، من هو أفضل منه، أو كان مساويا معه، لما اهتدوا بهدايته وإرشاده، ولم يصلوا إلى كمالهم، مع أن الغرض هو هداية جميع الناس وتزكيتهم وتربيتهم وإكمالهم، ونقض الغرض كما يكون
وذلك واضح إذ لو كان في المبعوث إليه، من هو أفضل منه، أو كان مساويا معه، لما اهتدوا بهدايته وإرشاده، ولم يصلوا إلى كمالهم، مع أن الغرض هو هداية جميع الناس وتزكيتهم وتربيتهم وإكمالهم، ونقض الغرض كما يكون