المنفرات، ولا اشكال ولا خلاف فيه عدا ما يتراءى من قواعد المرام حيث قال: " ينبغي أن يكون منزها عن كل أمر تنفر عن قبوله إما في خلقه كالرذائل النفسانية من الحقد والبخل والحسد والحرص ونحوها، أو في خلقه كالجذام والبرص، أو في نسبه كالزنا ودناءة الآباء " ولكن التأمل في كلامه، يقضي بأن مراده من كلمة " ينبغي " ليس مطلق الرجحان، لأنه علل بما يقتضي الوجوب، حيث قال: " لأن جميع هذه الأمور صارف عن قبول قوله، والنظر في معجزته، فكانت طهارته عنها من الألطاف التي فيها تقريب الخلق إلى طاعته، واستمالة قلوبهم إليه " (1).
ثم إن الظاهر من عبارة المصنف هو وجوب اتصافهم بالأكمل من الصفات الخلقية والعقلية وأفضلها، من نحو: الشجاعة والسياسة والتدبير والصبر والفطنة والذكاء وغير ذلك، وهذا هو صريح كلام المحقق القمي - قدس سره - أيضا حيث قال في مقام شرائط النبوة: " الشرط الثاني: هو أن يكون النبي أفضل وأعلم من جميع الأمة لقبح تبعية الأفضل من غيره الذي يكون بالنسبة إليه مفضولا، بل يكون وجوب تبعية المساوي عن مثله أيضا قبيحا، لكونه ترجيحا من غير مرجح، فلا بد من أن يكون أعلى مرتبة من غيره، حتى يحسن الأمر فيه تعالى باتباعه، وهكذا في جميع الصفات الحسنة لزم أن يكون أفضلهم وأعلاهم (2) ونحوه في اللوامع الإلهية (3) وشرح الباب الحادي عشر (4) وهو كذلك لما أشير إليه في كلام المحقق القمي وغيره، وسيأتي توضيحه في ذكر الأدلة إن شاء الله تعالى.