فيه نقص وحاجة، وعليه فلا مجال للسؤال عن أفعاله الناشئة عن كمال ذاته فإن ما نشأ عن كمال ذاته لا قبح فيه حتى يسأل عنه، ولكنه غير مساعد مع كلماته فافهم.
ومن المعلوم أن مع هذه الاحتمالات لا مجال لدعوى ظهور الآية في مرادهم، ولو سلم دلالتها وظهورها فيما ذكروه، فليحمل على ما لا ينافي قاعدة التحسين والتقبيح، فإن الأصل عند منافاة ظواهر الآيات مع الأصول العقلية البديهية الوجدانية هو توجيهها على نحو يرفع المنافاة بينهما فلا تغفل.
هذا مضافا إلى أن المستدلين بالآية المذكورة غفلوا عن الآيات المتعددة الكثيرة، الدالة على ثبوت التحسين والتقبيح العقليين.
منها: الآيات الدالة على ارتكاز القبح والحسن في العقول، مع قطع النظر عن الأدلة الشرعية كقوله تعالى: " أفحسبتم انما خلقناكم عبثا " (1) فإنه يدل على أن العبث قبيح، وقبحه مستقر في العقول، ولذا أنكر عليهم إنكار منبه ليرجعوا إلى عقولهم، ومثله قوله تعالى: " أيحسب الإنسان أن يترك سدى " (2).
ونحوه قوله تعالى: " أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار " (3) وهذا أيضا يدل على أن قبح ذلك مرتكز في العقول.
ومنها: الآيات الدالة على تخطئة من حكم على خلاف ما اقتضته العقول السليمة، كقوله تعالى: " أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون " (4) فإنه لم ينكر أصل حكم العقل، بل أنكر هذا الحكم السيئ إنكار منبه ليرجعوا إلى