تبرأ من شركهم وقبائحهم " (1).
ورابعا: أن المدح والذم يصحان فيما إذا كان الفعل صادرا بالقدرة والاختيار، للتمكن من الخلاف، ولا يشترط فيهما الاستقلال، إذ ملاك المدح والذم هو القدرة والاختيار في الفعل والترك، وهو موجود في أفعالنا، ولذا يكتفى في المحاكم القضائية عند العقلاء بذلك للمجازاة والمثوبات.
وخامسا: أن التفويض لا تساعده الآيات الدالة على أنه ما من شئ إلا ويكون بإرادته وإذنه وقدرته، كقوله تعالى: " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين " (2)، وقوله عز وجل: " والله خلقكم وما تعملون " (3)، وقوله تعالى: " وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله " (4).
وهذه الآيات ونحوها صريحة في أن التفويض لا واقع له، بل كل الافعال سواء كانت قلبية أو خارجية، غير خارجة عن دائرة قدرته ومشيئته وارادته وإذنه، ومقتضى الجمع بين هذه الآيات وما تمسك به المفوضة من الآيات، هو أن المراد من استناد الأفعال إلى العباد ليس هو التفويض، بل يكفي في الاستناد كون مباشرة الأفعال باختيارهم وقدرتهم وتمكنهم من الخلاف، وإن كان قدرتهم تحت قدرته وإذنه ومشيئته تعالى، فالمباشرة منهم بالاختيار لا يستلزم التفويض فلا تغفل، هذا.
مضافا إلى نفي التفويض في الأخبار الكثيرة.
منها: ما روي عن الصادق - عليه السلام - قال: " الناس في القدر على ثلاثة أوجه: رجل زعم أن الله عز وجل أجبر الناس على المعاصي، فهذا قد ظلم الله عز وجل في حكمه وهو كافر، ورجل يزعم أن الأمر مفوض إليهم، فهذا وهن