بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية - السيد محسن الخزازي - ج ١ - الصفحة ١٦٥
واعتقادنا في ذلك تبع لما جاء عن أئمتنا الأطهار - عليهم السلام - من الأمر بين الأمرين والطريق الوسط بين القولين الذي كان يعجز عن فهمه أمثال أولئك المجادلين من أهل الكلام ففرط منهم قوم وأفرط آخرون ولم يكتشفه العلم والفلسفة إلا بعد عدة قرون (3) وليس من الغريب ممن لم يطلع على حكمة الأئمة - عليهم السلام - وأقوالهم أن يحسب أن هذا القول وهو الأمر بين الأمرين من مكتشفات بعض فلاسفة الغرب المتأخرين، وقد سبقه إليه أئمتنا قبل عشرة قرون.
____________________
نفي الخلق بدون وساطة القدرة والاختيار، كما يقتضيه خطاب الشارح للأشعري، وبالجملة: إن النظام السببي والمسببي في العالم مستند إليه تعالى، ومن جملته الأفعال المسببة عن العباد باختيارهم، فكما لا معنى للتفويض في سائر الأسباب لحاجتها إليه تعالى في الوجود والبقاء والتأثير، كذلك لا معنى له في سببية الإنسان للأعمال مع كونه ممكنا من الممكنات. هذا تمام الكلام في التفويض.
(3) قال الأستاذ الشهيد المطهري - قدس سره - ما حاصله: " إن هذا النظر - أي الأمر بين الأمرين - ابتدأ به من ناحية أئمة الدين - عليهم السلام - ثم بعد مضي مدة من الزمن نظر حوله وتأمل فيه الحكماء الإلهيون حق التأمل، فرأوه مطابقا للموازين الدقيقة العقلية المنطقية " (1).
وقال في موضع آخر ما حاصله: " إن الذي يوجب كثرة الاعجاب للمحقق العارف بمسائل التوحيد، هو المنطق الخاص الذي يسلكه القرآن والسنة المروية عن رسول الله والأئمة الأطهار - صلوات الله عليهم - حول مسائل

(1) أصول فلسفه: ج 3 ص 169.
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست