والسحاب المسخر بين السماء والأرض لايات لقوم يعقلون " (1).
السابع: المحدودية، تقريب ذلك أن كل موجود من ممكنات العالم محدود بحدود وكل محدود له حاد، فالعالم الإمكاني له حاد غير محدود وهو صرف الوجود، دفعا للدور والتسلسل.
أما الصغرى، فلإن كل شئ من أشياء العالم الإمكاني صغيرها أو كبيرها جمادها أو نباتها أو حيوانها محدودة بالحد المكاني والزماني وغيرهما من الكيفيات والخصائص، ولذا لا وجود له في خارج الحد المكاني أو في خارج الحد الزماني أو نحوهما. نعم بعضها بالنسبة إلى بعض آخر أعظم أو أطول أو أدوم، ولكن كلها محدودة بالحدود المذكورة، بل المجردات أيضا محدودة بحد مراتب الوجود وأسبابها وعدمها.
وأما الكبرى، فلإن كل محدودية من أي نوع كانت آنية من ناحية غير المحدود، لا من ناحية نفسه وإلا لكان الأمر بيده، مع أن المعلوم خلافه. هذا مضافا إلى أنه يلزم منه مساواة كل محدود مع غيره في الحدود، لاشتراكهم في حقيقة الوجود، فالحدود في المحدودات آية المقهورية والمعلومية ولزم أن تنتهي إلى من ليس له حد من الحدود، بل هو صرف الكمال والوجود وليس هو إلا الله تعالى الذي عبر عنه في الكتاب العزيز بالصمد والقيوم والغني.
ويمكن تقريب البرهان المذكور بوجه آخر وهو أنه لا إشكال في وجود الموجودات في الخارج فإن كان مطلقا وصرفا ومحض الوجود فهو المطلوب وإلا استلزمه، لأن لكل محدود حادا دفعا للدور والتسلسل.
وقال صدر المتألهين في شرحه على أصول الكافي: كل محدود له حد معين، إذ المطلق بما هو مطلق (في عالم الخلق) لا وجود له في الخارج، فيحتاج إلى علة