التحسين والتقبيح العقليين فإن الطائفة الأولى ذهبوا إلى نفي التحسين والتقبيح العقليين، وتبعوا في تلك المسألة وغيرها عن شيخهم علي بن إسماعيل الأشعري، ومن ثم سموا بالأشاعرة، وينتهي نسب علي بن إسماعيل إلى أبي موسى الأشعري، وكان علي بن إسماعيل من تلامذة أبي علي الجبائي المعتزلي، وتوفي ببغداد حوالي سنة 324 وقيل غيرها (1).
ولكن الإمامية والمعتزلة ذهبوا إلى إثبات تلك القاعدة، وكيف كان حيث إن هذه المسألة تكون من أهم المسائل الكلامية ويبتني عليها المسائل الكلامية وغيرها فالأولى هو ملاحظة المسألة في كلمات الأعاظم والأكابر من القدماء والمتأخرين، حتى يتضح مراد المثبت والنافي وأدلتهم.
كلمات الأكابر حول مسألة التحسين والتقبيح ألف: قال الشيخ المفيد - قدس سره -: أقول: إن الله عز وجل عدل كريم، خلق الخلق لعبادته وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته وعمهم بهدايته، بدأهم بالنعم وتفضل عليهم بالإحسان، لم يكلف أحدا إلا دون الطاقة ولم يأمره إلا بما جعل له عليه الاستطاعة، لا عبث في صنعه، ولا تفاوت في خلقه، ولا قبيح في فعله، جل عن مشاركة عباده في الأفعال، وتعالى عن اضطرارهم إلى الأعمال، لا يعذب أحدا إلا على ذنب فعله، ولا يلوم عبدا إلى علي قبيح صنعه، لا يظلم مثقال ذرة، فإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما، وعلى هذا القول جمهور أهل الإمامة وبه تواترت الآثار عن آل محمد صلى الله عليه وآله.