ويكون مستقلا في أفعاله وذاته بخلاف غيره تعالى.
ومن ذلك يعرف أن غيره المحدود بالحدود والقيود والمحتاج في وجوده وكماله لا يكون شبيها به تعالى، فإن غيره المتصف بهذه الصفات محدود ومحتاج، فكيف يكون شبيها بمن لا حد ولا حاجة له، بل هو صرف الكمال وعين الغنى فلا ند له ولا كفؤ، كما نص عليه القرآن الكريم بقوله: " ولم يكن له كفوا أحد "، " ليس كمثله شئ " (1)، بل لا غير إلا به، فكيف يمكن أن يكون الغير شبيها ونظيرا له في الصفات.
ومما ذكر يظهر أن نفي النظير والشبيه لا يختص بذاته وصفاته الذاتية، بل لا نظير له في صفاته الفعلية كالخلق والرزق، فإن كل ما في الوجود منه تعالى وليس لغيره شئ إلا بإذنه، فلا خالق ولا رازق بالاستقلال إلا هو كما نص عليه بقوله عز وجل: " إن الله فالق الحب والنوى " (2)، " الله يبسط الرزق لمن يشاء " (3)، " ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين " (4)، " والله خلقكم وما تعملون " (5)، " ذلكم الله ربكم إله إلا هو خالق كل شئ " (6)، " بل لله الأمر جميعا " (7).
ولا ينافيه إسناد تدبير الأمر إلى غيره في قوله تعالى: " فالمدبرات أمرا " (8)، ونحوه، لأن تدبيرها بإذنه وإرادته وينتهي إليه، فالنظام في عين كونه مبنيا على الأسباب والمسببات يقوم به تعالى في وجوده وفاعليته، فالملائكة مثلا لا يفعلون إلا بأمره وإرادته ويكونون رسلا منه، كما أشار إليه في قوله: " جاعل الملائكة