إلى الاعتقاد بغير المبدأ تعالى والجهل بالمبدأ الحقيقي هو كفر به كما لا يخفى.
بحث حول الشرور والاختلافات:
هنا سؤال وهو أن مقتضى ما مر من قاعدة التحسين والتقبيح وإطلاق كمال ذات المبدأ المتعال، أنه تعالى لا يفعل القبيح ولا يترك الحسن، فإذا كان الأمر كذلك فالشرور كالزلازل، والسيل والطوفان والبلايا والآلام والأوجاع والموت ونحوها، والاختلافات كالسواد والبياض والبلادة والذكاوة والذكورية والأنوثية وغير ذلك، لماذا وقعت؟ أليس هذه الأمور قبيحة؟
أجيب عن السؤال المذكور بجوابين: أحدهما إجمالي، والثاني تفصيلي.
أما الأول: فهو في الحقيقة جواب لمي، وتقريبه أنه لا مجال لرفع اليد عما ينتهي إليه بالبراهين القطعية من أنه تعالى لا يفعل القبيح ولا يترك الحسن بمثل هذه الأمور، بل اللازم بحكم العقل هو حمل هذه الأمور على ما لا ينافي البراهين القطعية، إذ موارد النقض لا تفيد القطع بالخلاف، بل غايتها هو عدم العلم بوجهها، فيمكن رفع إبهامها بما ثبت من أنه لا يفعل القبيح، لكونه حكيما على الاطلاق، فنحكم بملاحظة ذلك أن هذه الأمور لا تخلو عن الحكمة والمصلحة، وإلا لم تصدر من الحكيم المتعال، إذ ليس فيه عوامل صدور القبيح كالجهل أو العجز أو غير ذلك مما يكون نقصا ولا يليق بجنابه تعالى، فكل ما فعله الله وصدر منه يبتني على الحكمة والصلاح وغالبية الخير.
قال العلامة الطباطبائي - قدس سره -: " الأمور - بالإضافة إلى الغير - على خمسة أقسام: ما هو خير محض، وما هو خيره أكثر من شره، وما يتساوى خيره وشره، وما شره أكثر من خيره، وما هو شر محض. ولا يوجد شئ من الثلاثة الأخيرة، لاستلزامه الترجيح من غير مرجح، أو ترجيح المرجوح على الراجح، ومن الواجب بالنظر إلى الحكمة الإلهية المنبعثة عن القدرة والعلم الواجبين،