صرح المحقق الطوسي - رحمه الله - في ضمن كلامه بوجوب تنزه النبي عن كل ما ينفر عنه (1) وصرح العلامة - قدس سره - في الباب الحادي عشر بأنه يجب أن يكون منزها عن دناءة الآباء وعهر الأمهات وعن الرذائل الخلقية والعيوب الخلقية، لما في ذلك من النقص، فيسقط محله من القلوب والمطلوب خلافه (2).
وقال الشيخ الطوسي - قدس سره -: " ودليل التنفير الذي اعتمدناه ينفي عنهم جميع القبائح في حال النبوة وقبلها، وكبائر الذنوب وصغائرها، لأن النفوس إلى من لا يعهد منه قط في حال من الأحوال قبيح لا صغير ولا كبير، أسكن وأميل ممن كان بخلاف ذلك، فوجب بذلك نفي الجميع عنهم في كل حال (3) وعليه فلا وجه لاقتصار المصنف - رحمه الله - في المذكورات، بل كان عليه أن يذكر تنزه النبي عن الأمراض المنفرة والعيوب الخلقية (بكسر الخاء)، وكل ما ينفر عنه، ولو كان هو السهو والنسيان في أموره الشخصية، لعمومية الدليل. هذا مضافا إلى أن ذكر الأمانة والصدق لا يناسب المقام، لأن عدم الأمانة خيانة وعدم الصدق كذب، وهما من المعاصي التي قد فرغنا عن عصمتهم فيها، فلا وجه لتكرارهما عند ذكر اتصافهم بالكمالات وتنزههم عن المنقصات الخلقية والخلقية.
اللهم الا أن يقال: إن المصنف لم يذكر سابقا إلا العصمة عن الذنوب وعن الخطأ والنسيان بعد البعثة فذكر العصمة عن الخيانة والكذب قبل البعثة لا يكون تكرارا، ولكن عليه أن لا يقتصر عليها، بل يذكر جميع المعاصي والذنوب. هذا مضافا إلى أن ظاهر ذكر عنوان عقيدتنا في صفات النبي هو الفراغ عن بحث العصمة فلا تغفل.