العلم بنبوة النبي، بدعوى أنها مجرد كرامة وليست واقعة لحصول العلم بالنبوة بعد دعوة النبوة والتحدي، لأن هذه المعجزات المتكررة موجبة لحصول العلم للغائبين وغير الموجودين من النسل الآتي، فليست مجرد كرامة. وكيف كان فقد أفاد وأجاد الامام البلاغي - قدس سره - حيث قال: " إن الذي يحتاج إليه في تصديق الرسالة ومنقولها هو العلم بالمعجز لا خصوص مشاهدته ولا تكراره " (1).
ومما ذكر يظهر أيضا وجه عدم إجابة الأنبياء لبعض الاقتراحات الواردة من المنكرين لخروجها عن كونها إتماما للحجة، هذا مع ما في طلبهم من المحالات كمجئ الله سبحانه وتعالى، مع أنه محيط على كل شئ " وقالوا لن نؤمن لك حتى. تأتي بالله. قبيلا " (2).
خامسها: أن المعجزة ليست طريقة منحصرة لتعريف النبي أو الإمام، لإمكان تعريفه بسبب تعريف نبي آخر بالبشارة عليه إن لم يكن موجودا حال التعريف، كما وردت بشارات متعددة عن الأنبياء السالفة في حق نبينا محمد - صلى الله عليه وآله - كما قال تعالى: " وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين " (3).
أو بالنص عليه إن كان موجودا حاله، كتنصيص بعض الأنبياء على بعض آخر، فلا وجه لحصر تعريف النبي أو الإمام في المعجزة، كما يظهر من عبارة المصنف، حيث قال: " نعتقد أنه تعالى إذ ينصب لخلقه هاديا ورسولا، لا بد أن يعرفهم بشخصه ويرشدهم إليه بالخصوص على وجه التعيين، وذلك منحصر بأن ينصب على رسالته دليلا وحجة يقيمها لهم اتماما للطف واستكمالا للرحمة - إلى أن قال -: وذلك الدليل هو المسمى بالمعجز أو المعجزة "، انتهى.