والله تعالى هو الرحمن الرحيم بنفس ذاته، وهو من كماله المطلق، الذي هو عين ذاته، ويستحيل أن ينفك عنه (3).
____________________
(3) أراد بذلك - أي قوله: ويستحيل أن ينفك عنه - بيان معنى وجوب اللطف الذي هو الكبرى الكلية لتكليف العباد بما فيه الصلاح وغيره مما يكون مصداقا للطف والرحمة، وحاصله كما سيصرح به في الفصل الثاني من الكتاب، أن معنى الوجوب في ذلك هو كمعنى الوجوب في قولك: إنه واجب الوجود (أي اللزوم واستحالة الانفكاك) وليس معناه أن أحدا يأمره بذلك، فيجب عليه أن يطيعه - تعالى عن ذلك - فإنه لا يناسب علو مقامه، وذلك لأن اللطف وهو الرحمانية والرحيمية بالعباد، ناش عن كماله المطلق، الذي هو عين ذاته، ولا ينفك عنه، ولا حاجة إلى وراء ذاته في إفاضة اللطف إلى غيره، فإذا كان المحل قابلا ومستعدا لفيض الجود واللطف، فمقتضى كونه كمالا مطلقا هو لزوم إفاضة ذلك، إذ لا بخل في ساحة رحمته ولا نقص في جوده وكرمه، ولا جهل له بالمستحق، هذا، مع أن المحل قابل الاستفاضة، وبهذا الاعتبار نقول: إن اللطف واجب لا باعتبار أنه محكوم بحكم أحد من خلقه.
وعليه فيؤول وجوب اللطف إلى لزومه، واستحالة انفكاكه، كما صرح به المصنف هنا، وأما ما ذهب إليه العلامة الحلي - قدس سره - من أنه لا نعني بوجوبه عليه، حكم غيره عليه، بل وجوب صدوره منه نظرا إلى حكمته، وقد
وعليه فيؤول وجوب اللطف إلى لزومه، واستحالة انفكاكه، كما صرح به المصنف هنا، وأما ما ذهب إليه العلامة الحلي - قدس سره - من أنه لا نعني بوجوبه عليه، حكم غيره عليه، بل وجوب صدوره منه نظرا إلى حكمته، وقد