بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية - السيد محسن الخزازي - ج ١ - الصفحة ١٦٠
وذهب قوم آخرون وهم " المفوضة " إلى أنه تعالى فوض الأفعال إلى المخلوقين ورفع قدرته وقضاءه وتقديره عنها، باعتبار أن نسبة الافعال إليه تعالى تستلزم نسبة النقص إليه وإن للموجودات أسبابها الخاصة وان انتهت كلها إلى مسبب الأسباب والسبب الأول وهو الله تعالى.
ومن يقول بهذه المقالة فقد اخرج الله تعالى من سلطانه وأشرك غيره معه في الخلق (2).
____________________
وقد اشتهرت هذه الجملة في الألسنة من أن الجبر والتشبيه أمويان والعدل والتوحيد علويان.
هذا بخلاف الإنسان المعتقد بالاختيار، فإنه يرى نفسه مسؤولا في الأمور، ولذلك الاعتقاد يسعى ويجاهد مع كل ظالم ويصل إلى ما يصل من الحرية والعزة والمجد والسعادة (1).
وقد قال الله تبارك وتعالى: " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزيه الجزاء الأوفى (2).
هذا تمام الكلام في الجبر.
(2) ومن المفوضة أكثر المعتزلة وهم ذهبوا إلى أن الفعل مفوض إلينا، ولا مدخلية فيه لإرادته وإذنه تعالى، والذي أوجب هذه المزعمة الفاسدة هو الاحتراز عن نسبة المعاصي والكفر والقبائح إليه تعالى، حيث زعموا أنه لو لم نقل بالتفويض، لزم استناد القبائح إليه تعالى، وهو لا يناسب مع جلاله. هذا مضافا إلى أنه لو لم يكن العبد مستقلا في فعله لما صح مدحه وذمه، على أن المستفاد من الآيات الكثيرة هو استناد أفعال العباد إليهم دونه كقوله تعالى:

(١) كتاب إنسان وسرنوشت.
(٢) النجم: ٣٩ - 40.
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»
الفهرست