ثم إن لزوم التعريف بالمعجزة أو البشارة أو التنصيص فيما إذا لم يكن حال النبي وصدقه وأمانته موجبا للعلم بنبوته، وإلا فهو فضل في حق من عرف، ولكن حيث لم يعرف أكثر الناس بهم إلا بالتعريف، فاللازم هو التعريف بأحد الوجوه المذكورة حتى يتم الحجة على كل أحد، ولا يبقى عذر لأحد من الناس.
سادسها: إن المعجزة لزم أن تكون ظاهرة الاعجاز بين الناس، على وجه يعجز عنها جميع الناس مع اقتران المعجزة بدعوى النبوة والتحدي، لتكون دليلا على مدعاه، وهذا ظاهر لا كلام فيه، ولكن الكلام فيه دعوى المصنف حيث قال: " ولاجل هذا وجدنا أن معجزة كل نبي تناسب ما يشتهر في عصره من العلوم والفنون، الخ ".
فإن فيه أولا: إنا لا نعلم بوجود المعجزة لكل نبي، لاحتمال أن يكون التعريف في بعض الأنبياء بالبشارة أو التنصيص كما عرفت جواز الاكتفاء بهما.
لا يقال: إن مقتضى قوله تعالى: " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات " (1) إن لكل رسول معجزة، لأنا نقول: إن البينات أعم من المعجزة.
وثانيا: إنه لو سلمنا وجود المعجزة لكل نبي فالمناسبة لما يشتهر في عصره غير معلومة، وإنما اللازم هو كون المعجزة ظاهرة الاعجاز.
سابعها: أن معجزة القرآن ليست منحصرة في بلاغته وفصاحته كما سيأتي التصريح بذلك عن المصنف أيضا حيث قال: " 9 - عقيدتنا في القرآن الكريم، نعتقد أن القرآن هو الوحي الإلهي المنزل من الله تعالى على لسان نبيه الأكرم، فيه تبيان كل شئ، وهو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في