بمعنى الإحداث من دون حاجة إلى التروي والتأمل ونحوهما فالإرادة حينئذ من صفات الأفعال لا الذات.
وهكذا الصفات السلبية ترجع بعضها إلى بعض، إذ نفي الرؤية يرجع إلى نفي الجسمية عنه، إذ من لا يكون جسما لا يكون مرئيا وهكذا نفي الجسمية والجوهرية والعرضية يرجع إلى نفي التركيب، سواء كان تحليليا أو خارجيا، وهكذا نفي التركيب ونفي الانفعال والحركة والاشتداد ونفي الجهة ونفي المكان ونحوها من لوازم نفي الحد والحاجة والافتقار، عنه.
وأما بقية الصفات السلبية كنفي الظلم والقبيح ونفي الشريك والكفؤ والمثل فهي وإن أمكن إرجاعها إلى نفي الحد والافتقار، ولكن فيها مباحث نافعة تليق بذكرها منفردة.
وعلى ما ذكر فالأولى هو البحث في الصفات الثبوتية عن علمه وقدرته ونحوهما مما يتضح بوضوحهما غيرهما واما التكلم فهو من صفات الأفعال وبمعنى إحداث الكلام وتوهم الكلام النفسي القديم لذاته تعالى وراء العلم والقدرة وغيرهما من الصفات الذاتية فاسد جدا، لعدم تعقل شئ قديم وراء علمه تعالى، فلا ينبغي إطالة الكلام فيه كما أن الأولى هو البحث في الصفات السلبية عن وحدته وعدم كفوء ومثل وشريك وضد له تعالى، وعن كونه لا يفعل الظلم والقبيح، وأما البواقي فتكفيها الإشارة المذكورة.
الأمر الثالث: في علمه تعالى ولا يخفى عليك أن مقتضى صرفيته تعالى أنه لا يعزب عن علمه شئ من الأمور: لأن الجهل بشئ فقدان ونقص وهو ينافي اللاحدية الثابتة لذاته تعالى.
هذا مضافا إلى أن النظم والتناسب وغيرهما من الأمور التي تحكي عن علم وحكمة يدل على علم الناظم وحكمته وإن كان لا يخلو الاستدلال به عن شئ