ومعاصي العباد في الخلوات واختلاف النينان في البحار الغامرات وتلاطم الماء بالرياح العاصفات " (1).
الأمر الرابع: في قدرته واختياره القدرة هي تمكن الفاعل - العالم بما في الفعل أو الترك من المصلحة أو المفسدة - من الفعل وتركه والقادر هو الذي إذا شاء أن يفعل فعل، وإذا شاء أن يترك ترك، مع الشعور والعلم بما فيه من الخير الذي يدعوه نحوه، فالقدرة قد تكون في مقابل العجز فإن من لم يصدر عنه فعل لفقده إياه، عاجز عنه، بخلاف من يمكن صدوره منه فإنه قادر بالنسبة إليه، وقد تكون القدرة في مقابل الإيجاب فمن أمكن له الفعل والترك فهو قادر، بخلاف من لم يمكن له الترك، فإنه موجب كالنار بالنسبة إلى الإحراق. ثم إن صدور الفعل أو تركه عن الانسان أو ذي شعور آخر يحتاج إلى مرجح، وهو لا يكون بدون العلم والشعور، وعليه فالعلم والشعور من مبادئ الفعل أو الترك. وإن كان في مرتبة من الضعف فالقدرة لا تطلق إلا إذا كان للعلم والشعور مبدئية في ظهور الفعل أو تركه، فلذا لا تطلق القدرة على القوى الطبيعية.
ثم إن هذه القدرة من الكمالات الوجودية، ويدل على اتصاف ذاته تعالى بها أمور:
منها: صرفية وجوده بحيث لا يشذ عنه كمال من الكمالات الوجودية وإلا لزم الخلف في صرفيته.
ومنها: إنا نجد في أنفسنا القدرة وهي كسائر المعاليل منتهية إليه تعالى، فهو واجد لأعلاها، فإنه في رتبة العلة بالنسبة إلى غيره من الموجودات، ومعطي