يصير مصداقا للظلم، وأما حسن العدل وقبح الظلم فلا تغير ولا تبدل فيهما أصلا.
ثم لا يخفى عليك أن المصنف أجاب عن هذه الشبهة في الأصول بما يشبه الجواب الثاني وقال في آخر العبارة والخلاصة: إن العدلية لا يقولون بأن جميع الأشياء لابد أن تتصف بالحسن أبدا أو بالقبح أبدا حتى يلزم ما ذكر من الإشكال. ولكن امعان النظر في كلامه يقضي بأن مراده من هذا الكلام ليس هو الجواب الثاني، بل مراده هو الجواب الرابع الذي أوضحه في كتاب منطقه فحكم العقل بحسن العدل والاحسان أو قبح الظلم والإساءة عنده من باب الآراء المحمودة، وكونه ملائما لمصلحة النوع الإنساني لا من باب العقل النظري فتأمل.
وكيف كان فإلى التحسين والتقبيح العقليين أشير في بعض الآيات الكريمة كقوله تعالى: " هل جزاء الاحسان الا الاحسان " (1).
وقوله تعالى: " أم نجعل الذين امنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار " (2).
ثم إن المراد من الحسن هو استحقاق المدح ومن القبح هو استحقاق الذم، وملاك الحسن في حسن العدل هو ادراك كمال العدل أو موافقته وملائمته للغرض كما أن ملاك القبح في قبح الظلم هو ادراك نقص الظلم وعدم موافقته وملائمته للغرض، كما صرح به المحقق اللاهيجي وغيره (3).
هذا تمام الكلام في الحسن والقبح العقليين، وقد عرفت أن الإمامية أثبتوا العدل لله تعالى والاجتناب عن القبائح من طرق مختلفة، ومن جملتها قاعدة