الثاني: في مختار الإمامية، ولا يذهب عليك أن مذهبهم في عصمة الأنبياء هو عدم جواز صدور الذنب منهم مطلقا، سواء كان الذنب صغيرة أو كبيرة، عمدا كان أو سهوا، قبل البعثة كان أو بعدها، كما أنه لا يجوز عندهم أن يصدر منهم الخطأ والنسيان في تلقي الوحي وإبلاغه وفي تفسيره وتبيينه ونحو ذلك (1).
قال العلامة - قدس سره -: " ذهبت الإمامية كافة إلى أن الأنبياء معصومون عن الصغائر والكبائر، منزهون عن المعاصي، قبل النبوة وبعدها، على سبيل العمد والنسيان، وعن كل رذيلة ومنقصة، وما يدل على الخسة والضعة، وخالفت أهل السنة كافة في ذلك وجوزوا عليهم المعاصي وبعضهم جوزوا الكفر عليهم قبل النبوة وبعدها وجوزوا عليهم السهو والغلط، الخ " (2).
الثالث: أن الدليل على العصمة لا يمكن أن يكون شرعيا محضا، لأنه قبل إثبات العصمة لا يجدي الدليل الشرعي لاحتمال السهو والخطأ في نفس الدليل القائم على العصمة، ولا دافع لذلك الاحتمال، إذ المفروض في هذا الحال عدم ثبوت العصمة، فاللازم هو أن يكون دليل العصمة دليلا عقليا محضا، أو دليلا مركبا من الدليل العقلي الدال على عصمتهم في مقام التبليغ، ومن الدليل الشرعي الدال على عصمتهم في سائر المقامات.
الرابع: في ذكر الأدلة الدالة على العصمة، وقد استدلوا بوجوه متعددة، وهذه الوجوه مختلفة في إفادة تمام المراد وعدمها. فاللازم أن ننظر فيها، وإن كانت دلالة جملة منها على العصمة بلا كلام، ولذا نشير هنا إلى عمدة الوجوه.
منها: نقص الغرض، وهو أن النبي لو لم يكن معصوما لزم نقض الغرض.