ثم إن الفرق بين النبي والرسول كما في تفسير الميزان هو أن النبي، هو الذي ببين للناس صلاح معاشهم ومعادهم من أصول الدين وفروعه، على ما اقتضته عناية الله من هداية الناس إلى سعادتهم، والرسول هو الحامل لرسالة خاصة مشتملة على إتمام الحجة، يستتبع مخالفته هلاكة أو عذابا أو نحو ذلك (1).
فالنسبة بين النبي والرسول هي العموم والخصوص المطلق موردا إذ كل رسول نبي دون العكس، لجواز أن يكون النبي غير رسول كما لا يخفى.
وعليه فمقام النبوة غير مقام الرسالة وإن كان بحسب المورد تقع الرسالة إلا في مورد النبوة فتحصل أن المفهومين متغايران وفي ذلك يكون النسبة بينهما من العموم والخصوص المطلق موردا ومما ذكر يظهر الجواب عن وجه تقديم عنوان الرسول على عنوان النبي في الآية الكريمة " وكان رسولا نبيا " (2) إذ لو كان مفهوم النبوة أعم من الرسالة لزم أن يكون متقدما عليها في الذكر كما لا يخفى، وسيجئ بقية الكلام إن شاء الله في بحث الخاتمية (3).
ثم إن الرسل يختلفون في الفضل والمرتبة، وساداتهم هم أولو العزم منهم، وهم أصحاب الجد والثبات على العهود والميثاق في حد أعلى، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ونبينا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وعليهم أجمعين -، كما قال تعالى: " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا " (4) وهم أصحاب الكتب والشرايع، كما قال الله تعالى: " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا