منظار الإسلام والأديان السماوية الأخرى - هي أعماله الصالحة أو السيئة، إذ يتكفل الدين السماوي بتعليمه، وهو أيضا يدرك صلاحها وسوءها عبر الفطرة المودعة فيه...
ولا شك أن خالق الوجود - الذي يفوق تصورنا من كل الجهات - ليس له تفكير اجتماعي مثلنا: وهذا التنظيم العرفي للربوبية والعبودية وإصدار الأوامر وطاعتها والأمر والنهي والثواب والعقاب لا وجود له خارج حياتنا الاجتماعية. والنظام الإلهي هو النظام الكوني نفسه الذي يرتبط فيه وجود كل شئ وظهوره بصنع الله تعالى، حسب العلاقات الحقيقية وكفى...
وينبغي أن نستنتج من هذا أن علاقة حقيقية قائمة بين الأعمال الصالحة والسيئة وبين ما هو موجود في عالم الأبد من الحياة وخصائصها، فسعادة الحياة القادمة وشقاؤها وليدا ذلك بإذن الله.
وبعبارة أبسط: تظهر في باطن الإنسان حقيقة في كل عمل من الأعمال الصالحة والسيئة، فتصبح حياته القادمة رهينة بها...
وملخص الكلام أن للإنسان في باطن هذه الحياة الظاهرية حياة باطنية أخرى " حياة معنوية " تنبع من أعماله وتنمو فترتبط بها سعادته وشقاؤه في ذلك العالم ارتباطا تاما...
الثانية: يحدث كثيرا أن أحدنا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وهو لا يعمل بما يأمر به أو ينهى عنه، بيد أنا لا نجد ذلك أبدا عند الأنبياء والأئمة الذين تتحقق هدايتهم وقيادتهم بأمر الله. فهم يعملون بالدين الذي يهدون إليه ويضطلعون بقيادته، ويتمتعون بالحياة المعنوية التي يقودون الناس إليها. ذلك أن الله لا يخول أحدا هداية الآخرين ما لم يهد نفسه. وهداية الله الخاصة متحققة لا محالة.
ويمكن أن نحصل من هذا البحث على النتائج الآتية:
1 - النبي أو الإمام في كل أمة يحرز المقام الأول في كمال الحياة المعنوية