وطاح وشيظ النفاق، وانحلت عقد الكفر والشقاق، وفهتم بكلمة الإخلاص، في نفر من البيض الخماص، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها بنبيه, تعبدون الأصنام وتستقسمون بالأزلام مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون القد والورق، أذلة خاسئين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله بنبيه صلى الله عليه وآله بعد اللتيا والتي، وبعد ما مني ببهم الرجال، وذؤبان العرب، ومردة أهل الكتاب، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله، أو نجم قرن للضلالة، أو فغرت فاغرة المشركين، قذ أخاه عليا في لهواتها, فلا ينكفئ حتى يطأ ضماخها بأخمصه، ويخمد لهبها بحده, مكدودا في طاعة الله ورسوله، مجتهدا في أمر الله، قريبا من رسول الله، سيدا في أولياء الله، مشمرا ناصحا مجدا كادحا.. وأنتم في بلهنية وادعون آمنون فرحون، وفي رفاهية من العيش فكهون, تأكلون العفو وتشربون الصفو، تتوكفون الأخبار، وتنكصون عند النزال وتفرون من القتال!!
فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه، ومحل أصفيائه، ظهرت فيكم حسيكة النقاق، وإنسمل جلباب الدين، وأخلق عهده، وانتقض عقده, ونطق كاظم، ونبغ خامل, وهدر فنيق الباطل يخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه ضارخا بكم، فألفاكم لدعوته مصيخين، وللغرة ملاحظين، واستنهضكم فوجدكم خفافا، وأحمشكم فألفاكم غضابا، فوسمتم غير إبلكم، وأوردتموها غير شربكم.