رباه النبي، فقاتل بشجاعة حتى استشهد، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بشجاعة حتى استشهد.. وظهر الضعف على المسلمين فانحاز بهم خالد بن الوليد، وانسحبوا من المعركة عائدين.
وكظم النبي هزيمة جيشه وشهادة صحابته الأبرار بانتظار أن يؤمر بالكرة.
وبعد حجة الوداع.. وقد كان النبي يعيش هموم ترتيب خلافته لعترته الذين اختارهم الله وطهرهم، ويعالج أدواء حسد قريش ومؤامراتها عليهم.. جاءه جبرئيل وأمره أن يخلي المدينة من زعماء قريش ومعهم زعماء الأنصار ويرسلهم كلهم تحت إمرة أسامة بن زيد إلى مؤتة، ويستبقي عليا وأهل بيته عنده.. حتى إذا جاءته الوفاة، انتظم الأمر لعلي قبل أن يعودوا فلا يكون لعلي معارض!
أمر النبي بإحضار أسامة بن زيد، ابن الثمانية عشر عاما، وهو شاب أسود، فأمه أم أيمن حبشية وهي أمة للنبي صلى الله عليه وآله زوجها لزيد الذي رباه.. لكنه شاب شجاع، استفاد من تربية النبي له ومن تأميره في السنة الماضية على جيش صغير سماه البخاري (باب بعث أسامة بن زيد إلى الحرقات - سبل الهدى والرشاد: 6 / 193)..
أحضر النبي أسامة وقال له، كما في عيون الأثر: 2 / 352: (سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل، فقد وليتك هذا الجيش، فأغر صباحا على أهل أبنى وحرق عليهم، وأسرع السير تسبق الأخبار، فإن ظفرك الله فأقلل اللبث فيهم، وخذ معك الأدلاء وقدم العيون والطلائع معك.