نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ١ - الصفحة ٤٧٠
المهدي، نبيكم خير نبي، ووصيكم خير وصي، وبنوه خير الأوصياء.
معاشر الناس! ذرية كل نبي من صلبه، وذريتي من صلب علي.
معاشر الناس! إن إبليس أخرج آدم من الجنة بالحسد، فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم، وتزل أقدامكم، فإن آدم أهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة، وهو صفوة الله عز وجل، فكيف بكم وأنتم أنتم ومنكم أعداء الله! ألا إنه لا يبغض عليا إلا شقي، ولا يتوالى عليا إلا تقي، ولا يؤمن به إلا مؤمن مخلص، في علي والله نزلت سورة " العصر " (بسم الله الرحمن الرحيم * والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).
معاشر الناس! إني أستشهد الله أن بلغتكم رسالته، (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) [21].
معاشر الناس! (اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) [22].
معاشر الناس! آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزل معه (من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها) [23].
معاشر الناس! النور من الله عز وجل في مسلوك، ثم في علي، ثم في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله وبكل حق هو لنا؛ لأن الله عز وجل قد جعلنا حجة على المقصرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين والغاصبين من جميع العالمين.
معاشر الناس! أنذركم أني رسول الله قد خلت من قبلي الرسل أفإن مت أو قتلت (انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) [24] ألا وإن عليا هو الموصوف بالصبر والشكر، ثم من بعده ولدي من صلبه.
معاشر الناس! لا تمنوا على الله إسلامكم فيسخط عليكم، فيصيبكم بعذاب من عنده، إنه لبالمرصاد.
معاشر الناس! سيكون من بعدي (أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون) [25] معاشر الناس! إن الله وأنا بريئان منهم.
معاشر الناس! إنهم وأنصارهم وأشياعهم وأتباعهم في الدرك الأسفل من النار (فلبئس مثوى المتكبرين) [26] ألا إنهم أصحاب الصحيفة، فلينظر أحدكم في صحيفته.
معاشر الناس! إني أدعها إمامة ووراثة في عقبي إلى يوم القيامة، وسيجعلونها ملكا واغتصابا، ألا لعن الله الغاصبين والمغتصبين، وعندها (سنفرغ لكم أيه الثقلان) [27] (يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران) [28].
معاشر الناس! إن الله عز وجل لم يكن يذركم على ما أنتم عليه (حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب) [29].
معاشر الناس! إنه ما من قرية إلا والله مهلكها بتكذيبها، وكذلك يهلك القرى وهي ظالمة، كما ذكر الله تعالى، وهذا إمامكم ووليكم، وهو مواعيد الله، والله يصدق وعده.
معاشر الناس! قد ضل قبلكم أكثر الأولين، والله قد أهلك الأولين، وهو مهلك الآخرين.
معاشر الناس! إن الله قد أمرني ونهاني، وقد أمرت عليا ونهيته، فعلم الأمر والنهي من ربه عز وجل، فاسمعوا لأمره تسلموا وأطيعوه تهتدوا، وانتهوا لنهيه ترشدوا، وصيروا إلى مراده، ولا تتفرق بكم السبل عن سبيله.
معاشر الناس! أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم باتباعه، ثم علي من بعدي، ثم ولدي من صلبه أئمة (يهدون بالحق وبه يعدلون) [30].
ثم قرأ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سورة " الحمد " إلى آخرها، وقال: في نزلت ولهم عمت وإياهم خصت أولئك أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (ألا إن حزب الله هم المفلحون) [31] الغالبون.
ألا إن أعداء علي هم أهل الشقاق العادون، وإخوان الشياطين الذين (يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) [32] ألا إن أولياءهم هم المؤمنون الذين ذكرهم الله فقال عز وجل:
(لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) [33] إلى آخر الآية. ألا إن أولياءهم هم الذين وصفهم الله عز وجل فقال: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) [34] ألا إن أولياءهم الذين يدخلون الجنة آمنين (وتتلقاهم الملائكة) [35] بالتسليم أن (طبتم فادخلوها خالدين) [36] ألا إن أولياءهم الذين قال الله عز وجل (يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) [37] ألا إن أعداءهم الذين يصلون سعيرا. ألا إن أعداءهم الذين يسمعون لجهنم شهيقا وهي تفور ولها زفير (كلما دخلت أمة لعنت أختها) [38] ألا إن أعداءهم الذين قال الله عز وجل: (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير * وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير * فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير) [39] ألا (إن) أولياءهم (الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير) [40].
معاشر الناس! شتان ما بين السعير والجنة، فعدونا من ذمه الله ولعنه، وولينا من مدحه الله وأحبه.
معاشر الناس! ألا وإني منذر وعلي هاد.
معاشر الناس! إني نبي وعلي وصيي ألا إن خاتم الأئمة منا القائم المهدي. ألا إنه هو الظاهر على الدين إلا إنه المنتقم من الظالمين. ألا إنه فاتح الحصون وهادمها. ألا إنه قاتل كل قبيلة من أهل الشرك. ألا إنه المدرك بكل ثار لأولياء الله عز وجل. ألا إنه الناصر لدين الله. ألا إنه الغراف من بحر عميق. ألا إنه قسيم كل ذي فضل بفضله، وكل ذي جهل بجهله. ألا إنه خيرة الله ومختاره. ألا إنه وارث كل علم والمحيط به. ألا إنه المخبر عن ربه عز وجل، والمنبه بأمر إيمانه.
ألا إنه الرشيد السديد. ألا إنه المفوض إليه. ألا إنه قد بشر به من سلف بين يديه. ألا إنه الباقي حجة ولا حجة بعده، ولا حق إلا معه، ولا نور ولا فوز إلا عنده. ألا إنه لا غالب له، ولا منصور عليه. ألا وإنه ولي الله في أرضه وحكمه في خلقه وأمينه في سره وعلانيته.
معاشر الناس! قد بينت لكم وأفهمتكم، وهذا علي يفهمكم بعدي. ألا وإن عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي على بيعته والإقرار به، ثم مصافقته بعدي. ألا إني قد بايعت الله، وعلي قد بايعني، وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله عزوجل (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) [41] الآية.
معاشر الناس! إن الحج والعمرة من شعائر الله، و (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) [42] إلى آخر الآية.
معاشر الناس! حجوا البيت، فما ورده أهل بيت إلا استغنوا، ولا تخلفوا عنه إلا افتقروا.
معاشر الناس! ما وقف بالموقف مؤمن إلا غفر الله له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك، فإذا انقضت حجته استؤنف عمله عليه.
معاشر الناس! الحجاج معانون، ونفقاتهم مخلفة (إن الله لا يضيع أجر المحسنين) [43].
معاشر الناس! حجوا البيت بكمال الدين والتفقه، ولا تنصرفوا عن المشاهد إلا بتوبة وإقلاع.
معاشر الناس! أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة كما أمركم الله عز وجل، لئن طال عليكم الأمد فقصرتم أو نسيتم، فعلي وليكم، ويبين لكم الذي نصبه الله عز وجل بعدي، أو من خلفه الله مني ومنه، يخبركم بما تسألون عنه، ويبين لكم ما لا تعلمون. ألا إن الحلال والحرام أكثر من أن أحصيهما وأعرفهما، فآمر بالحلال، وأنهى عن الحرام في مقام واحد، فأمرت أن آخذ البيعة عليكم، والصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عز وجل في علي أمير المؤمنين، والأئمة من بعده الذين هم مني، ومنه أئمة قائمهم فيهم المهدي إلى يوم القيامة الذي يقضي فيه بالحق.
معاشر الناس! وكل حلال دللتكم عليه، وكل حرام نهيتكم عنه، فإني لم أرجع عن ذلك ولم أبدل. ألا فاذكروا ذلك واحفظوه وتواصوا به، ولا تبدلوه ولا تغيروه. ألا وإني أجدد القول. ألا