نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ١ - الصفحة ٤٧٠
فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر. ألا وإن رأس الأمر بالمعروف أن تنتهوا إلى قولي وتبلغوه من لم يحضره تأمروه بقبوله وتنهوه عن مخالفته، فإنه أمر من الله عز وجل ومني، ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إلا مع إمام معصوم.
معاشر الناس! القرآن يعرفكم أن الأئمة من بعده ولده، وعرفتكم أنهم مني ومنه، حيث يقول الله عز وجل: (كلمة باقية في عقبه) [٤٤] وقلت: لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما.
معاشر الناس! التقوى التقوى، واحذروا الساعة كما قال الله عز وجل: (إن زلزلة الساعة شيء عظيم) [٤٥] اذكروا الممات والحساب والموازين، والمحاسبة بين يدي رب العالمين، والثواب والعقاب، ومن جاء بالحسنة أثيب، ومن جاء بالسيئة فليس له في الجنان نصيب.
معاشر الناس! إنكم أكثر من أن تصافقوني بكف واحدة في وقت واحد، وأمرني الله عز وجل أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدت لعلي من إمرة المؤمنين، ومن جاء بعده من الأئمة مني ومنه، على ما أعلمتكم أن ذريتي من صلبه، فقولوا بأجمعكم: إنا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلغت عن ربنا وربك في أمر علي وأمر ولده من صلبه الأئمة، نبايعك على ذلك بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وأيدينا، على ذلك نحيى ونموت ونبعث، لا نغير ولا نبدل ولا نشك ولا نرتاب، ولا نرجع عن عهد، ولا ننقض الميثاق، ونطيع الله، وعليا أمير المؤمنين، وولده الأئمة الذين ذكرتهم من ذريتك من صلبه بعده الحسن والحسين، الذين قد عرفتكم مكانهما منى ومحلهما عندي، ومنزلتهما من ربي، فقد أديت ذلك إليكم، فإنهما سيدا شباب أهل الجنة، وإنهما الإمامان بعد أبيهما علي، وأنا أبوهما قبله، فقولوا: أطعنا الله بذلك وإياك وعليا والحسن والحسين والأئمة الذين ذكرت عهدا وميثاقا مأخوذا لأمير المؤمنين من قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا ومصافقة أيدينا. من أدركهما بيده وأقر بهما بلسانه، لا نبتغي بذلك بدلا، ولا نرى من أنفسنا عنه حولا أبدا، نحن نؤدي ذلك عنك الداني والقاصي من أولادنا وأهالينا، أشهدنا الله وكفى بالله شهيدا، وأنت علينا به شهيد، وكل من أطاع ممن ظهر واستتر، وملائكة الله وجنوده وعبيده، والله أكبر من كل شهيد.
معاشر الناس! ما تقولون؟ فإن الله يعلم كل صوت، وخافية كل نفس (فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها) [٤٦] ومن بايع، فإنما يبايع الله (يد الله فوق أيديهم) [٤٧].
معاشر الناس! فاتقوا الله، وبايعوا عليا أمير المؤمنين - صلوات الله عليه والحسن والحسين والأئمة (عليهم السلام) كلمة باقية بكلمة يهلك الله من غدر ويرحم من وفى (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) [٤٨].
معاشر الناس! قولوا الذي قلت لكم، وسلموا على علي بإمرة المؤمنين، وقولوا: (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) [٤٩] وقولوا: (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) [٥٠].
معاشر الناس! إن فضائل علي بن أبي طالب عند الله عز وجل وقد أنزلها في القرآن أكثر من أن أحصيها في مقام واحد، فمن أنبأكم بها وعرفها فصدقوه.
معاشر الناس! من يطع الله ورسوله وعليا والأئمة الذين ذكرتهم، فقد فاز فوزا عظيما.
معاشر الناس! السابقون السابقون إلى مبايعته وموالاته والتسليم عليه بامرة المؤمنين، أولئك الفائزون في جنات النعيم.
معاشر الناس! قولوا ما يرضي الله عنكم من القول: (إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا) [٥١] (فلن يضر الله شيئا) [٥٢] اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، واغضب على الكافرين والكافرات، والحمد لله رب العالمين.
فنادته الأقوام وجموع الحاضرين: نعم سمعنا وأطعنا أمر الله وأمر رسوله بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا. ثم تداكوا [٥٣] على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى علي (عليه السلام) وصافقوهما بأيديهم، فكان أول من صافقهما الشيخان، فقال ثانيهما: بخ بخ لك يا أبا الحسن! أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، ثم الثالث والرابع والخامس، ثم باقي الناس عن آخرهم على قدر منازلهم.
وفي رواية ابن عباس (رضي الله عنه) هذه الزيادة عن قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): معاشر الناس: من أحسن من الله قيلا، ومن أصدق من الله حديثا، إن ربكم جل جلاله أمرني أن أقيم عليا علما للناس، وخليفة وإماما ووصيا، وأن أتخذه أخا ووزيرا.
معاشر الناس! إن عليا باب الهدى من بعدي، والداعي إلى ربي، وهو صالح المؤمنين (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين) [٥٤].
معاشر الناس! إن عليا مني، ولده ولدي، وهو زوج ابنتي وحبيبتي، أمره أمري ونهيه نهيي.
معاشر الناس! عليكم بطاعته، واجتناب معصيته، فإن طاعته طاعتي، ومعصيته معصيتي.
معاشر الناس! إن عليا صديق هذه الأمة وفاروقها ومحدثها، وإنه هارونها ويوشعها وآصفها وشمعونها، وإنه باب حطتها، وسفينة نجاتها، إنه طالوتها وذو قرنيها.
معاشر الناس! إنه محنة الورى، والحجة العظمى، والآية الكبرى، وإمام أهل الدنيا، والعروة الوثقى.
معاشر الناس! إن عليا قسيم النار لا يدخلها ولي له ولا ينجو منها عدو له، وإنه قسيم الجنة لا يدخلها عدو له ولا يزحزح عنها ولي له.
معاشر أصحابي! قد نصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين.
ثم نادى (صلى الله عليه وآله وسلم) برفيع صوته أسمع الجموع عن آخرهم، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أيها الناس! ألست أولى بكم من أنفسكم، فارتفعت الأصوات من كل الجهات وقالوا: بلى اللهم بلى، فنادى (صلى الله عليه وآله وسلم):
" ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، ألا من كنت نبيه فهذا علي أميره، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله " ثم نزل (صلى الله عليه وآله وسلم) من علا منبره، وأقام في الموضع ثلاثة أيام حتى أخذ البيعة لعلي من جميع من معه من الرجال والنساء، وقد بلغ عددهم مائة وعشرين ألف نسمة.
[١] دلائل الإمامة: ١٨، وانظر كتاب فضائل علي بن أبي طالب وكتاب الولاية: ١٤ فما بعد.
[٢] المناقب: ١٥٥ / ١٨٣.
[٣] فضائل الصحابة ٢: ٥٩٦ / ١٠١٦، مسند أحمد ١: ٨٤ و ٨٨ و ١١٩ وج ٤: ٣٦٨.
[٤] المستدرك (الحاكم) ٣: ١٠٩ فضائل الصحابة، مجمع الزوائد ١: ٩ وج ٩: ١٠٤.
[٥] الغدير ١: ٩.
[٦] بحار الأنوار ٣٧: ٢٠١.
[7] المائدة: 67.
[8] المائدة: 55.
[9] الفتح: 11.
[10] النور: 15.
[11] التوبة: 61.
[12] المائدة: 67.
[13] البقرة: 24..
[14] ما بين القوسين ليس في البحار.
[15] الحشر: 18.
[16] المائدة: 8.
[17] الزمر: 56 [18] آل عمران: 85.
[19] التوبة: 17.
[20] البقرة: 162.
[22] النور: 54..
[21 و 23] آل عمران: 102 و 144.
[24] النساء: 47.
[25] القصص: 41.
[26] النحل: 29.
[27 و 28] الرحمان: 31 و 35.
[29] آل عمران: 179.
[30] الأعراف: 181.
[31] المجادلة: 22.
[32 و 34] الأنعام: 112 و 82.
[33] المجادلة: 22.
[35] الأنبياء: 103.
[36] الزمر: 73..
[37] غافر: 40.
[38] الأعراف: 38.
[39] الملك: 8 - 11..
[40] الملك: 12.
[41] الفتح: 10.
[42] البقرة: 158.
[43] التوبة: 120.
[44] الزخرف: 28.
[45] الحج: 1.
[46] الزمر: 41.
[47] الفتح: 10.
[48] الفتح: 10.
[49] البقرة: 285.
[50] الأعراف: 43.
[51] إبراهيم: 8.
[52] آل عمران: 144.
[53] أي: ازدحموا.
[54] فصلت: 33.