فإذن لا غرو في أن نقول بالاستحباب لإمكان جبر السند بالعمل، وكفاية قاعدة التسامح في مقام العمل برجاء المثوبة، ولكنه لا يثبت في أزيد من الإناء المغترف منه لسعة رأسه فيمن أمكنه الاغتراف منه، لصحة يده، فلا يشمل الأعسم لكونه من الفرد النادر ولا مثل الحوض قطعا، لأن الجلوس على وجه يقع هو في الطرف الأيمن لا دليل يدل عليه أبدا، فيعمل فيه على المتعارف من جعله قدام الوجه، كما أن جعل ما يصيب منه على اليسار لذلك لا للاستحباب الخاص.
والتمسك في المقام بأفعالهم (عليهم السلام) بجعلهم آنية الوضوء في الطرف الأيمن لا يثبت إلا استحباب جعل ما يغترف منه على الأيمن، لأنه الغالب في أواني وضوئهم، ولعدم ثبوت جعلهم ضيق الرأس أيضا في الطرف الأيمن.
وتوهم أنهم لو وضعوه في اليسار يثبت به استحباب التفصيل مدفوع، بأنه من الأفعال المتعارفة بعد ثبوت مطلوبية قرار الماء في اليمنى وايقاع الغسل بها، فلا دلالة فيه على مطلوبية الخصوصية.
فإذن لا استحباب فيه، كما أن استحباب الوضع على الأيمن أيضا مخصوص بالأواني الصغار الصالحة للاغتراف منها فيمن يتمكن من أخذ ما فيها بيمناه.
ولا ينافيه ما ورد من " أنه (عليه السلام) أتى بقعب ليتوضأ به فجعله بين يديه " (1). لأنه متروك العمل بظاهره، على أنه لا يكافؤ ما تقدم، لما معه من المرجح.
الثاني: من الآداب والسنن ما ذكره (قدس سره) بقوله (قدس سره): (والاغتراف بها حتى في غسلها) لما ذكر في الأول من الوجه ولخصوص ما ورد من أن العاليات لليمنى والسافلات لليسرى، تشريفا لها عليها. ومن أجله جعل الاستنجاء باليسرى والوضوء باليمنى، ولبعض الوضوءات البيانية، ولقوله (عليه السلام) في حكاية وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) في العرش: " إنه يلقى الماء بيمينه، فلأجل ذلك صار الوضوء باليمين " (2)، ولعموم ما ورد من استحباب الوضوء والطهور باليمنى.