للتأهب تسامحا، إذ ليس التأهب غاية مستقلة في عرض الغايات المندوبة المطلوبة لأجلها الوضوء، وإنما غاية هذا الوضوء هي الصلاة المؤداة في أول الوقت وإنما سمي بكونه مستحبا للتأهب، لأن الوضوء لهذه الصلاة واجب لكن بعد تنجز وجوبها، فاستحبابه إنما هو بلحاظ الإعداد والتهيؤ لإتيان الواجب في أول وقت فضيلته الذي هو مطلق بلا شبهة، فتسميته بالمستحب إنما هو لذلك كما بيناه، وإلا فهو في الحقيقة من أقسام الوضوء الواجب، لأنه أتى به لأداء الواجب كما عرفت.
وأما السابع عشر: فللنبوي (صلى الله عليه وآله) " يا علي إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب بخيل اليد " (1)، والشهرة جابرة كما تقدم مع أنه في الوسائل رواه عن الأمالي والعلل، وعن عبد الله ابن جعفر الحميري عن كتاب الدلائل أيضا، والمنقول عن الكتب المعتبرة معتبر على ما فصل في محله.
وأما الثامن عشر: فلصحيحة الحلبي: " إذا كان الرجل جنبا لم يأكل ولم يشرب حتى يتوضأ " (2). وحمل الوضوء على غسل اليد والوجه لاستعماله فيه في غير واحد من الأخبار خلاف الظاهر، لا يصار إليه بلا قرينة واضحة عليه سيما بعد التقابل، كما في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" قلت له: أيأكل الجنب قبل أن يتوضأ؟ قال: إنا لنكسل، ولكن ليغسل يده والوضوء أفضل " (3) فإنه بقرينة المقابلة والأفضلية وتعليل الاكتفاء بالغسل وعدم الوضوء بالكسالة يصير إرادة المعنى المصطلح في كمال الوضوح، فهو بناء عليه في كمال صراحة الدلالة. فإذن الأقوى التخيير بينهما.
وأما التاسع عشر: كما أفتى به الأكثر فللنبوي: قال الله تعالى: " ألا إن بيوتي