الناقضية إنما أتى من قبل احتمال العفو، وإلا فكل حدث ثابت له صفة الناقضية فلا شك في اتصاف هذا الموجود بالناقضية، كما لا شك في وجوده إلا من جهة احتمال العفو، فإذا لم يثبت العفو يحكم بناقضيته لأنها أثره.
ومنه يعلم عدم جريان استصحاب الإباحة، نعم أصل البراءة أصل خال عن المعارض، لأن الاستصحاب المقابل أيضا كذلك، والقاعدة عندنا أيضا تامة.
وما ذكره الأستاذ - طاب ثراه - من أن حديث ما غلب كما يفيد عفوية ما يقطر كذلك يفيد عدم خلل هذا الفعل الكثير الواقع في أثناء الصلاة، لأن مفاده رفع ما يترتب على وجود هذا الشيء لولا غلبة أمر الله وعجز العبد ورفع الاختيار أو الطاقة عنه، وهو مردد بين نفي شرطية الطهارة ومانعية هذا الفعل الكثير وقاطعيته، لأن كلا منهما من لوازم وجود هذا التقطير.
هذا ملخص ما أفاده - طاب ثراه - عندي محل نظر، لأن لازمه الأولي حدثيته وخبثيته، والفعل الكثير لازم ايجاد رافع هذا الحدث وهو الطهارة والخلل مترتب على وجود الفعل الكثير وإفادة حديث ما غلب نفي خلليته موقوف إما على رفع اليد عن اللوازم الأولية، لعدم إمكان إرادتها حتى نرتب عليه الثانويات والمترتبات بالواسطة، وأما على إرادة العموم، والأول منتف، لإمكان إرادة الاوليات، والثاني منتف، لأن إرادة العموم فرع إمكانه واجتماعها مع الأوليات، وهنا ليس كذلك، لأن إرادة نفي شرطية الطهارة بمعنى عدم حدثية ما يقطر لا يجامع إرادة نفي خللية الفعل الكثير، ولا معنى لأن يراد بالحديث لوازمه بالواسطة ويترك لوازمه بلا واسطة هذا.
ولكن القاعدة لا يفيد عفوية أزيد مما يقطر في أثناء الصلاة، والأصل لا يقاوم عمومات حدثية البول أو غيره من الأحداث وعموم " لا صلاة إلا بطهور "، فالأقوى ما عليه المشهور من وجوب الوضوء لكل صلاة لا كما يقوله الشيخ في المبسوط في أواخر باب الاستحاضة: " وأما من به سلس البول فيجوز له أن يصلي بوضوء واحد صلوات كثيرة، لأنه لا دليل على تجديد الوضوء عليه، وحمله على الاستحاضة قياس لا نقول به " انتهى. وقال (قدس سره) بعيد ذلك: " والجرح