مس الكتابة مثلا وتجديد الطهارة عند كل ركعتين من النافلة لا ينبغي تركه) قد عرفت أن مقتضى الأصل كونه محدثا، ولذا يعبر عنهم بمستدام الحدث وأن وضوءه هذا مبيح لا رافع، وأن المصير إلى عدم ناقضية ما يخرج بدائه هذا مما لا وجه له. وأن العفو لم يثبت إلا عن الخارج في أثناء الصلاة وما بحكمه، ولم يدل دليل على أن كل مستدام الحدث بعد الإتيان بتكليفه بحكم المتطهر كما يقال به في المستحاضة.
فإذن لا وجه لجعله بحكم المتطهر سيما في ما لم يكن الوضوء شرطا له، بل يحرم صدوره عن غير المتطهر كما قيل به في المس، كما لا وجه في ما أرى لتخصيص المسلوس بهذا الحكم وأظن أن الذي دعاه (قدس سره) إلى ذلك أنه رأى أن المبطون يجب عليه الوضوء في صلاة واحدة لما خرج منه فكيف يمكن أن يقال بعفوية ما يخرج به لغير هذه الصلاة مع عدم عفويته لها ورأى أن الحكم في مستدام الحدث على خلاف الأصل بمقتضى الأصل الأولي الذي ذكرنا أنه يقتضي سقوط المشروط عن المستدام الفاقد للشرط؟
وفيه ما لا يخفى، لما بيناه من انقلاب الأصل بمقتضى حديث " ما غلب " وغيره، فالأقوى هو ما ذكره (قدس سره) بلفظ الاحتياط كما علق عليه الأستاذ - طاب ثراه - بقوله: " بل هذا هو الأقوى ظاهرا ".
قوله (قدس سره): (وعلى كل حال فلا ينقض الوضوء غير ما عرفت) من أسباب الحدث الأصغر على تفصيل تقدم، للأخبار الحاصرة المتقدمة وما تعرفه إن شاء الله في محله (من) أسباب (الحدث الأكبر) على ما يأتي (دون المذي على الأصح) وما عطف عليه وإن قال بناقضية بعضها بعض الأصحاب، وورد بها في جملة منها طائفة من الأخبار، لأن القول بها مخصوص بمن خالفنا، فالقول بها نشأ من المخلط المخالط معهم.
كما أن عمدة وجه صدور تلك الأخبار أيضا هو الاتقاء منهم، فمنها المذي الذي ورد في مرسلة ابن رباط: " أنه ما يخرج عقيب الشهوة " (1)، وعن غير واحد: