ثم إنه قد تبين لك أنه ينبغي للماتن أن يعكس بأن يجعل ما أفتى به موردا للاحتياط ويفتي بما جعله موردا للاحتياط في المسلوس ويسلك ما سلكه في المبطون كما عليه المشهور، للروايات عن ابن مسلم ففي إحداها: " المبطون يبني على صلاته " (1) وفي الاخرى: " يتوضأ ثم يرجع فيتم ما بقي " (2) وفي الثالثة الصحيحة: " صاحب البطن الغالب يتوضأ ويبني على صلاته " (3).
ثم إنه ظهر لك أيضا أن ظاهر تلك الروايات كما هو صريح كلمة البطن الغالب في الصحيحة من لم تكن له فترة تسع الطهارة والصلاة، كما أن ظاهرها، بل صريحها بملاحظة الأمر بالتوضي من لم يتوال حدثه ولم يستمر بحيث لم يمكنه ايقاع الصلاة مع طهارة بتلك الكيفية، وإلا فالواجب على الأول انتظار تلك الفترة كما عرفت، وعلى الثاني اتمام الصلاة بوضوء واحد كما ذكرناأنه مقتضى الأصل والقاعدة. والماتن في جواهره ألحق هذا الفرد من المبطون بالمسلوس الذي مثله، وحكم بأنهما يتمان الصلاة بوضوء واحد، وألحق المسلوس الذي له فترة تسع بعض الصلاة بالمبطون بملاحظة أن الغالب المتعارف من المسلوس هو القسم الأول فينزل الأخبار عليه، وأن الغالب المتعارف من المبطون هو صاحب الفترة الكذائية فينزل أخباره عليه.
وبعد ما عرفت ظهر لك أن إلحاق هذا الفرد من المبطون بالمسلوس لا ضير فيه للأصل والقاعدة سيما مع قصور أخباره عن شموله وأما الحاق ذلك الفرد من المسلوس بالمبطون لا وجه له بعد منع منقحية المناط، وكون البناء على خلاف الأصل والقاعدة وكون الوضوء مستلزما لفعل كثير شأنه الاخلال أو كونه مطلقا فعلا كثيرا كما مال اليه الأستاذ - طاب ثراه - وجمع، بل ربما يوهم كونه ماحيا لصورة الصلاة كما أشار اليه الأستاذ - طاب ثراه -.